حار الشعراء والفلاسفة والأدباء في كشف سرّ الحب، والسبب أنّ لكلِّ محبٍّ سرَّه الخفي النابع من ذوقة الخاص، إذ يبدو أنّ للحب أسراراً بعدد العاشقين.
ولكن أقرب تفسير لهذا السرّ الدفين هو «التوافق» فمحبوبة مجنون ليلى قد لا تُثير في الكثيرين أي شعور بالإعجاب فضلاً عن الانبهار والهوس والجنون.
ولكنّ هؤلاء ينظرون بغير العيون التي نظر بها قيس لليلى.
يقال إنّ الحب مثل (النظّارة) ينبغي أن تكون على مقاس العين، فلو زادت قُوّتُها عن طاقة العين لم تُناسِب، ويقال أشياء أخرى: الحب أعمى، أو الحبّ بحثٌ عن السعادة، ومن العبث أن نسأل لماذا يبحث الإنسان عن السعادة؟ لأن الجواب يتضمن السؤال.
ويرى ابن القيم في كتابه «روضة المحبين» أنّ الحبّ الشديد «نوعٌ من المناخوليا» وتعريفها في زمانه أنها هوس شديد لا مبرر له في الواقع، أما تعريفها في علم النفس الحديث فهي انقباض النفس والاكتئاب، ويرى آخرون أنّ الحب يُشبه «التيار الكهربائي» والكهرباء نفسها مجهولة السرّ، ويُقال إنّ طفولة القلب هي سرُّ الحب، كما في بيت علي محمود طه:
كُنْتَ تَدْعونيَ طِفْلاُ كُلَّمَا ** ثَارَ حُبّي وَتَنَدَّتْ مُقَلِي
وَلَكَ الحَقُّ لَقَدْ عَاِشَ الهَوَى ** فيَّ طِفْلاً وَنَمَا لَم يَعْقلِ
ويصرخ ناجي بأنّ الحب يجري في الدّم فأين المهرب:
يا غَرَاماً كانَ مِنّي في دَمِي قَدَراً كالموتِ أو في طَعْمِهِ
ليت شعري أينَ منهُ مَهْرَبِي أين يمضي هاربٌ من دمِهِ ؟
ويأخذنا ابن حزم في كتابه «طوق الحمامة» إلى سرٍّ جديد في الحب، يعود إلى شكل المحبوبة الأولى: أحببتُ في صِباي جاريةً لي شقراءَ الشعر فما استحسِنُ من ذلك الوقت سوداء الشعر، ولو أنه على الشمس أو على صورة الحسن نفسه، وإني لأجد هذا في أصل تركيبي من ذلك الوقت، لا تُواتيني نفسي على سواه ولا تُحِبُّ غيره ألبتة، وهذا العارض بعينه عرض لأبي وعلى ذلك جرى إلى أن وافاه أجله.
وترى فدوى طوقان أن سر الحب مخبوء في الروح:
من أين يدري سرّنا الآخرون
وسرنا ثروةْ
مخبوءة في عُمْقِ روحينا؟
والذي يستطيع إفشاء سرّ الحبّ هو الحب نفسه، لكنه مع الأسف لا يتكلّم.
إرسال تعليق