من مظاهر الإصلاح الديني في عصر النهضة العربيّة الإسلاميّة في القرن التاسع عشر الميلادي
المصلحة ومقتضياتها أنموذجاً([1])
يثير الحديث عن المصلحة ومقتضياتها كيفيات إجراء هذا المفهوم في مجالات من الاختبار متعالقة متداخلة لدى مفكّري عصر النهضة العربيّة الإسلاميّة في القرن التاسع عشر الميلادي، المعروف بفكر الإصلاح، أو اليقظة. ولم يمنع هذا التداخل بين تلك المجالات الاجتماعيّة والاقتصاديّة والتربويّة أولويّة المسألة السياسيّة، غالباً، في خطاب المصلحين.
في هذه المدارات، التي نشأ فيها فكر الإصلاح، وتطوّر في السياق التاريخي الحديث (منتصف القرن الثامن عشر الميلادي حتى الحرب العالميّة الأولى)، وبتأثير من المعطيات الجغرافيّة السياسيّة، وُجد العرب والمسلمون بحذاء عالم أوربي ما فتئ يتقدّم ويتطوّر في التمدّن، والتحديث («من هم بإزائنا» بعبارة خير الدين).
من هنا، كان السؤال: لماذا تقدّم الآخر وتأخّرنا؟ أتقتضي مصلحتنا التأسّي بهذا الآخر، والأخذ بأسباب تقدّمه، ومن ثمّ النسج على منواله في الإصلاحات التي كان سبّاقاً إليها (القرن السادس عشر الميلادي)، أم هي في إحياء القيم الإسلاميّة العامة والمعروفة بالمقاصد والغايات، حيث تتعيّن «مصلحة الشارع من الخلق» في التعبير الأصولي. إذاً، كيف سيجري هؤلاء المصلحون مفهوم المصلحة، ومختلف المفاهيم والبرادايمات، التي تجري مجراها، أو تكون من لوازمها شأن: المنفعة /المنافع العموميّة/الصلاح - المصالح، في السياق الذي ذكرنا؟
وعلى هذا الأساس، يطرح سؤال المراجع، التي استند إليها المصلحون في التسويغ للمصلحة، أو في تأكيد حجيّة هذا الأصل التكميلي المهم من أصول الفقه، مثلما تطرح علاقة الأصول الأولى/الأصليّة بالواقع في التاريخ الإسلامي، منذ أن ضُبطت المنظومة الأصوليّة مبكّراً مع الشافعي، بمعنى آخر ما الذي طرأ في علاقة المسلمين بهذه المنظومة؛ حتى ألجأ مفكّري الإصلاح إلى الاستعاضة عنها بالأصول التكميليّة بحثاً عن الحلول للقضايا المتجدّدة والطارئة على المجتمعات الإسلاميّة؟ ثمّ ما الرهانات التي يطمح هذا الفكر إلى تحقيقها من استخدام برادايمات المصلحة؟
قبل الخوض في مدارات الاختبار، التي عبّرنا عنها بالمقتضيات، ننظر في حدّ المفهوم، لنتعرّف دلالات المصلحة ومعانيها.
الحدّ بين اللغة والاصطلاح:
المصلحة، في أبسط تعريفاتها اللغويّة، من المصادر الممحّضة للمكان من صَلُحَ ونفع منفعة، والمصلحة كالمنفعة وزناً، ومعنىً، وهي اسم للواحدة من المصالح، والمصلحة، أيضاً: الصلاح (ابن منظور، 2005م، مادة (ص ل ح))؛ فكل ما فيه نفع، سواء بالجلب أم التحصيل، كاستحسان الفوائد واللذائذ، أو بالدفع والاتقاء، جدير بأن يُسمّى مصلحة.
في الاصطلاح الفقهي الأصولي، وعبر مراحل من تطوّر هذا العلم، تُعرّف المصلحة المرسلة بكونها «واقعة لا دليل على اعتبارها، أو إلغائها، ولا يمكن إلحاقها بواقعة مقيّدة بنصّ، وتأكّدت مصلحتها للخلق فأرسلتها الشريعة، ولم تُنط بها حكماً معيّناً، فسُمّيت مرسلة ومطلقة، كالفرس المرسلة» (العجم، 1998م، ج2، ص1443-1444). وأثرها في التشريع ظاهر؛ إذ هي، في رأي العلماء قديماً، تجلب المصالح، وتسهّل المعاملات، كاتخاذ السجون، وضرب السكة، وجمع القرآن في مصحف، وكتابة الحديث، وتدوين الدواوين. أمّا حديثاً، فرآها العلماء في عقود التأمين، وأطفال الأنابيب، وسحب أجهزة الإنعاش في حالات الموت المؤكّد، وغيرها ممّا صرنا نحتاج إليه في كلّ آونة وحين، وفي كلّ ما يُستجدّ من وقائع، ويطرأ من أعراض، أو ينزل من نوازل. وهذه المصالح ترد في كتب المذاهب الفقهيّة والأصوليّة تحت تسميات متعدّدة: فهي المصلحة عامةً، وهي المصلحة المناسبة، وهي المرسل من الأحكام، وهي الاستصلاح (عند الغزالي) والاستدلال على ما لا دليل فيه.
ولم يتّفق العلماء على حجيّة المصلحة عامة، والمصلحة المرسلة خاصة، ذلك أنّ بعضهم قد ذهب إلى الأخذ بها مطلقاً، وهم المالكيّة؛ لأنّ مالكاً قدّم المصلحة المرسلة على سائر المصالح، بينما ذهب آخرون إلى إنكارها قطعاً (الشافعيّة) لكونها ضرباً من ضروب الاستحسان والتشريع الفردي، والحكم بالهوى (هذا الأمر كان وراء تأليف الشافعي كتابه (إبطال الاستحسان))، فيما توسّط آخرون في قبولها بشكل محدود ومشروط (ذويب، 2005م). على أنّنا لا نعْدم في التاريخ الإسلامي توسّعاً عند بعضهم في الأخذ بها حتّى قدّمها على النصّ والإجماع، إذا خالفاها، ونقصد جهود نجم الدين الطوفي الحنبلي (ت 716هــ) في تعامله مع المصلحة؛ إذ هي، عنده، «بحسب العرف، السبب المؤدّي إلى الصلاح والنفع، وبحسب الشرع، هي السبب المؤدّي إلى مقصود الشارع عبادة، أو عادة...»؟؟ (زيد، 1954م، ص17).
كيف شقّت نظريّة المصلحة طريقها إلى فكر الإصلاح في القرن التاسع عشر الميلادي؟
نحتاج، هنا، إلى التذكير بأهمّ التيّارات الأصوليّة حيال المصلحة، فقد ساد في المنظومة الأصوليّة، التي استقرّت معالمها منذ مطلع القرن الثالث الهجري، تاريخ وفاة الإمام الشافعي (ت 204هــ)، اتّجاهان يتنازعان الوفاء للنصّ الشرعي:
- الاتّجاه البياني، الذي ينظر إلى النصّ من منظور كونه، بالدرجة الأولى، بناء من الألفاظ ينبغي بيانها، وهو ما يؤدّي إلى القول بمحدوديّة النص حيال الزمن ممثّلة «في مقولة الثبات؛ لأنّها غير قادرة على اكتشاف الجزء المسكوت عنه من النصّ، فضلاً عن إدراكه وتفسيره، أو على أن تقف على المنطقة المختفية في النص تلك الجاهزة لامتداد الواقع في الزمان» (ياسين، 2000م، ص40 وما بعدها). ومن ثمّ لا تستطيع هذه المقولة إدراك أنّ الواقع المتغيّر جزء لا يتجزّأ من كينونة النصّ، كما هو الحال في لحظة التنزيل (نسخ القرآن لأحكام كثيرة داخله).
- الاتّجاه الثاني هو الذي يعوّل على مقاصد النصّ، وأساسها المصلحة، التي هي، في الأصل، عبارة عن جلب منفعة، أو دفع مضرّة؛ ذلك أنّها المحافظة على مقصود الشارع. ومقصود الشارع من الخلق خمسة مشهورة هي أن يحفظ عليهم دينهم، ونفسهم، وعقلهم، ونسلهم، ومالهم. وأضاف شهاب الدين القرافي (ت 684هــ) مصلحة سادسة هي حفظ العرض.
غير أنّ الاتّجاه البياني، الذي يعوّل على ظاهر النصوص في استخراج الأحكام منها، هو الذي ظلّ طاغياً عبر تاريخ علم الأصول، ومازال متواصلاً إلى اليوم، ومتمظهراً في تعبيرات أصوليّة سلفيّة. فيما ظلّ الاتّجاه المقاصدي، الذي يؤثِر المصلحة في التشريع على الأحكام الظاهرة، منحسراً محدوداً، على الرغم من جهود كلّ من الغزالي، والطوفي، والقرافي، والشاطبي أشهرهم في كتابه (الموافقات).
وكان من نتائج انحسار هذا الاتّجاه أن دخلت المجتمعات الإسلاميّة التاريخيّة في التقليد مبكّراً، فتعطّلت مقاصد الشريعة المتغيّرة بتغيّر الأزمنة، والأمكنة، والأعراض، والأحوال، «ولم يجد مبدأ رعاية المصلحة، على الرغم من احتفاء البعض به، كالفقيه المالكي أبي إسحاق الشاطبي وغيره، كثيراً من المدافعين عنه في عصرٍ تراجع فيه الاجتهاد، وفشا فيه التقليد، لاسيما أنّه كان يعتمد حججاً وأدلّة غير أدلّة النصوص والقياس» (خدوري، ص727-729).
هل بقي الفكر الإسلامي ينتظر عصر النهضة العربيّة الإسلاميّة، في القرن التاسع عشر، ليطوّر استخدام المصلحة في إجراء الشريعة في الواقع؟
الحقيقة أنّ الفكر الإسلامي، بعد النتائج التي حقّقها الشاطبي في تطوير علم المقاصد، وهو الذي بدأ مجتهداً طامحاً إلى الارتقاء بالمقاصد إلى مرتبة العلم الشرعي الكلي الثابت والقطعي، لم يعرف أيّ خطوة حقيقيّة في تطوير هذا العلم، حتى كان عصر النهضة والإصلاح. ولأنّ علماءه راموا الإصلاح، فقد رأوا أنّ المصلحة في التشريع الإسلامي، بما هي تعبير عن المقصد من الشريعة، وهي روحها، هي المدخل لهذا الإصلاح في مجالات متداخلة مترابطة، وإن بدا أنّ السياسي منها قد استأثر بالدعوة إلى النهوض اعتقاداً من المفكّرين أنّ هذا المجال يؤثّر تأثيراً بالغاً في سائر المجالات، عملاً بمقولة: «إنّ الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن»[2].
عاد الجدل، إذاً، حول مسوّغات القول بالاجتهاد في المصلحة في التشريع في مجالات من الإصلاح متعدّدة، لا يلغي الواحد منها الآخر؛ لأنّ الأزمة كانت واقعة في فهم الشريعة؛ أي: في الفكر الذي يقبل تبرير القول بالمصلحة، والفكر الذي يرفضه.
سنختبر مفهوم المصلحة في شتّى مظاهر استخدامها، ومسوّغاتها الشرعيّة والتاريخيّة، من خلال ثلاثة محاور كبرى، نرى أنّها تلخّص الرؤية الإصلاحيّة باستعمال المصلحة، هي:
- المصلحة والعلاقة بالآخر.
- المصلحة العامة والتمدّن/التقدّم.
- المصلحة والوعي التاريخي بالزمن.
1- المصلحة والعلاقة بالآخر: الغيريّة (علاقة الأنا بالآخر):
- الأخذ بالتنظيمات مظهراً من مظاهر التعامل مع الآخر:
من أجلى مظاهر استعمال المصلحة، في علاقة الشرق بالغرب، تلك الإصلاحات الإداريّة، والاقتصاديّة، والعسكريّة، التي اقترحتها أوربا على الباب العالي، وأُطلق عليها مصطلح (التنظيمات الأوربيّة)، وأدخلها السلطان العثماني عبد المجيد الأوّل منذ قدم (1839م) على الإدارة العثمانيّة (1: خط شريف 1839م. 2: خط همايون 1856م. 3: القانون الأساسي 1879م).
ولكون هذه التنظيمات قد صدرت من طرف أجنبي، فإنّه لم يَرُقْ لعدد من المحافظين المعاصرين لخير الدين، مثلاً، الأخذ بها، بتعلّة عدم رشد الأمّة وقصورها عن معرفة كنه هذه التنظيمات.
هذا الأمر دفع بخير الدين إلى الدخول في سجال مع منكريها، إلى درجة كشف تناقضاتهم، واغترابهم. يقول: «على أنّنا إذا تأمّلنا في حالة هؤلاء المنكرين لما يُستحسن من أعمال الإفرنج، نجدهم يمتنعون من مجاراتهم فيما يقع من التنظيمات ونتائجها، ولا يمتنعون منها فيما يضرّهم. وذلك أنّنا نراهم يتنافسون في الملابس، وأثاث المساكن، ونحوها من الضروريات (...) ولا سببَ لما ذكرناه إلّا تقدّم الإفرنج في المعارف الناتجة عن التنظيمات المؤسّسة على العدل والحريّة. فكيف يسوّغ للعاقل حرمان نفسه ممّا هو مستحسن في ذاته، ويستسهل الامتناع عمّا به قوام نفعِه، بمجرّد أوهام خياليّة، واحتياط في غير محلّه» (التونسي، 1991م، ج1، ص ص128-130).
وإذا تمّ أخذ الرأي الصالح من الغير، لاسيما إذا كان جاراً لنا، فالواجب مجاراة الجار في كلّ ما هو مظنّة لتقدّمه، فإنّ الإحساس بضرورة البحث عن المصلحة قد تأسّس لدى زعماء الإصلاح من خلال العلاقة بالآخر، ضمن غيريّة ناجعة في إنهاض همم الذات للالتحاق بالغير السبّاق إلى التقدّم. والمصلحة في ذلك العصر تقتضي أنْ تنهج الأمّة طريقَهُ في ذلك، فإنّه «إذا اعتبرنا تسابق الأمم في ميادين التمدّن، وتخرّب غرائمهم على فعل ما هو أعْوَدُ نفعاً، وأعون، لا يتهيّأ لنا أن نميّز ما يليق بنا على قاعدة محكمة البناء، إلا بمعرفة أحوال من ليس من حزبنا، لاسيّما من حفّ بنا، وحلّ بقربنا» (التونسي، 1991م، ج1، ص119).
لا يخلو الأمر، بطبيعة الحال، من انبهار بالآخر، ولكنّه بحث دائم عن الاستفادة منه استفادة مُحَاوَرَةٍ لا مُجاورة فحسب، «وإلا فمن العقل أنْ يقتدي الإنسان بغيره فيما يعود عليه بالمنفعة» (السنوسي، 1976م، ج1، ص117-118)، في عبارة محمّد السنوسي (ت 1900م)، في رحلته الحجازيّة، مبرّراً لبس (البرنيطة) للمسلمين. فما مبرّرات/مسوّغات الأخذ بالتنظيمات لدى مفكّري عصر النهضة؟
تنقسم هذه المسوّغات إلى داخليّة وخارجيّة:
- مسوّغات داخليّة: تمثّلها مرجعيات الذات ممثّلةً في التراث الفقهي، وتجارب المسلمين، وفي البحث عن تبريرات نصيّة -وإنْ لزم الأمر حرفيّة- لفكرة التنظيم، ومنها التنظيمات اشتقاقاً. فالمتصفّح نصوصَ علماء الإصلاح يلفى سعياً منهم إلى إيجاد سندٍ شرعي في كتب الفقه الإسلامي للإصلاحات، التي دعت السلطة العثمانيّة المركزيّة سائر الإيالات إلى احتذائها؛ بل إنّ الأمر يصل بالطهطاوي (ت 1873م) إلى حدّ تأصيل التنظيمات الأوربيّة في التجربة التاريخيّة الإسلاميّة. ففي حديثه عن اختراع البوصلة عند المسلمين القدامى، يقول: «ومن أمعن النظر في كتب الفقه الإسلامي ظهر له أنّها لا تخلو من تنظيم الوسائل النافعة من المنافع العموميّة، حيث بوّبوا المعاملات الشرعيّة أبواباً مستوعبة للأحكام التجاريّة، كالشركة، والمضاربة، والقرض، والمخابرة، والعارية، والصلح، وغير ذلك. ولا شكّ في أنّ قوانين المعاملات الأورباويّة اسْتُنْبطت منها، كالسّفتجة التي عليها مبنى معاملات أوربا. ولم تزل كتب الأحكام الشرعيّة إلى الآن تُتلى وتطبّق على الحوادث والنوازل» (الطهطاوي، 1973م، ج1، ص668-670).
إنّ هاجس تأصيل الاقتباس في علاقة المسلمين بغيرهم من الأمم قديماً قد دفع خير الدين إلى التماس حجج تاريخيّة تلخّصها تجربة السلف. يقول: «وإذا جاز للسلف الصالح أخذ مثل المنطق من غير أهل ملّتهم، وترجمته من لغة اليونان، فأي مانع لنا، اليوم، من أخذ بعض المعارف، التي نرى أنفسنا محتاجين إليها غاية الاحتياج في دفع المكائد، وجلب المصالح» (التونسي، 1991م، ج1، ص92). إنّ البحث عمّا يدرأ عن الأمّة المفاسد والمكائد، ويجلب لها المصالح -في لغة خير الدين- يبرّر عنده بالاقتباس عن الآخر.
- مسوّغات خارجيّة: تساءل جلّ المصلحين تساؤلاً جامعاً عن أسباب تأخّر المسلمين وتقدّم غيرهم، فكان من جملة القضايا، التي يتعيّن معالجتها، بقصد إيجاد الحلول المناسبة لها، ضرورة الاقتباس من الغرب المتقدّم، مدعّمين ذلك بالحجج النقليّة والعقليّة. ولهذا الأمر، قدّم خير الدين لكتابه بمقدّمة افتتحها بفصل جريء وواقعي هو (مطلب ما يسوّغ موافقة غير المسلم في الأفعال المستحسنة). ويذكر في تبرير ذلك: «أنّ الغرض من ذكر الوسائل، التي أوصلت الممالك الأوربية إلى ما هي عليه من المنفعة والسلطة الدنيويّة، أنْ نتخيّر منها ما يكون بحالنا لائقاً، ولنصوص شريعتنا مساعداً وموافقاً، عسى أن نسترجع منه ما أخذ من أيدينا، ونخرج باستعماله من ورطات التفريط الموجود فينا» (التونسي، 1991م، ج1، ص123).
ولم ينفكّ خير الدين يحذّر المسلمين من مغبّة الاعتراض على الاقتباس، واصفاً ذلك بــــ: «تحذير ذوي الغفلات من عوام المسلمين من تماديهم في الإعراض عمّا يحمد من سيرة الغير الموافقة لشرعنا، بمجرّد ما انتقش في عقولهم من أنّ جميع ما عليه غير المسلم من السِّيَرِ والتراتيب ينبغي أن يُهجر، وتآليفهم في ذلك يجب أن تُنبذ، ولا تُذكرَ، حتى إنّهم يشدّدون الإنكار على من يستحسن شيئاً منها، وهذا، على إطلاقه، خطأ محض» (التونسي، 1991م، ج1، ص ص125-126).
لقد حمل الحضّ على الاقتباس الرجل على أنْ يلتقط الحكمة من أيّ مذهب وجدها؛ لأنّها ضالة المؤمن، وينتصر، في هذه الفكرة، لقول صاحب الدرّ المختار، الشيخ محمّد بن عابدين الحنفي (ت 1836م) ما نصّه: «إنّ صورة المشابهة فيما تعلّق به صلاح العباد لا تضرّ» (التونسي، 1991م، ج1، ص104). وهكذا، يجدُ المصلحون مبرّرات للاقتداء بالآخر في التمدّن والتقدّم تقتضيها مصلحة الأمّة.
2- المصلحة والتمدّن: تلازم العدل والعمران:
كان منطلق الإصلاح، عند تلك الثلّة من المفكّرين، يقوم على المقارنة، والمحاورة، والانفتاح على الآخر السبّاق إلى التمدّن، فهذا خير الدين يعقد فصلين مهمّين، بعد تسويغ الأخذ بالتنظيمات، والدفاع عنها، أطلق عليهما: التمدّن الأورباوي، وتلخيص المكتشفات والاختراعات الأوربيّة. فالقضيّة، عند جمهور المصلحين، هي التمدّن أوّلاً وآخراً، وهو بمثابة الحكمة، وهي (ضالة المؤمن يأخذها حيث وجدها). أمّا من سيضطلع بإنجاز هذا التمدّن، فهم رجال السياسة العلماء/رجال الدين من المسلمين، الذين لم يرتابوا من تأكيد الطريقة الخلدونيّة بأنّ العدل ثمرته العمران، وبأنّ الظلم ثمرته الخراب. فالعمران، بمفهومه الشامل (كونه طرق كسب، ومعاشاً، واجتماعاً، وسياسة...)، حاجة مؤكَّدة لتواصل المجتمعات؛ لأنّ نقيضه الخراب، وأفول العنصر البشري. ولذلك، ألفينا الانتظام العمراني، عند الطهطاوي، «يحتاج إلى قوّتين عظيمتين؛ إحداهما: القوة الحاكمة الجالبة للمصالح، الدارئة للمفاسد، وثانيتهما: القوّة المحكومة، وهي القوّة الأهليّة المحرزة لكمال الحريّة، المتمتّعة بالمنافع العموميّة فيما يحتاج إليه الإنسان» (الطهطاوي، 1973م، ج1، ص516-517).
ونظراً إلى أنّ محتوى الاقتباس هو المعارف والتنظيمات الأوربيّة المؤسّسة على العدل، والحريّة، وهما أصلان في الشريعة الإسلاميّة (أيْ: مقاصد أصليّة كليّة)، فإنّ هذا الأمر يدعو المصلحين إلى معالجة قضيّة إحياء القيم الإسلاميّة السياسيّة، التي اندثرت بظهور بدعة الحكم المطلق القهري، وما ينجرّ عنه من ظلم تتبرّأ منه الشريعة، لكونه مدعاة لانتفاء العمران أصلاً.
وهكذا، رأى المصلحون، في مراجعتهم لهذه القيم الإسلاميّة، أنّ تطوّر التمدّن الإسلامي عبر العصور كامنٌ في العودة إلى السياسة الشرعيّة، وفيها يمكن الإصلاح السياسي من الداخل، أوّلاً، قبل الخارج، ممثّلاً في الاقتداء بأنظمة الحكم الغربيّة الحديثة؛ «فقد كانت الأمّة الإسلاميّة، وقت احترامها للأصول الشرعيّة، بالمكانة التامة من الثروة والشوكة المحروستين بسياج من تدبير أمرائها، وعدلهم، واستجلابهم رضا الله تعالى بتعمير أرضه» (التونسي، 1991م، ج1، ص120).
وفي هذا السياق، انطلق خير الدين من المماثلة بين ماضي الأمّة وحاضرها، ما يعرف بقياس الشاهد على الغائب، ومفادها: بما أنّ الشريعة الإسلاميّة أعطت أحسن النتائج في الماضي، فليس ثمّة مانع البتّة من أنْ تعطي النتائج نفسها في الحاضر والمستقبل؛ بل ذهب به الاعتزاز بهذا الماضي إلى حدّ تأصيل تجارب الأوربيين في العدل فيه، وهو القائل: «وبما نقلناه يُعلم ما كان للأمّة الإسلاميّة من نموّ العمران، وسعة الثروة، والقوّة الحربيّة الناشئة عن العدل، واجتماع الكلمة، وأخوّة الممالك، واتّحادها في السياسة، واعتنائها بالعلوم والصناعات، ونحوها من المآثر العرفانيّة، التي ظهرت في الإسلام، ونسج الأورباويون على منوالها، وشهد المنصفون منهم بفضل التقدّم فيها للأمّة الإسلاميّة» (التونسي، 1991م، ج1، ص122).
وفي الإطار نفسه، واحتجاجاً بالمرجعيّة التراثيّة (الداخل)، لا يتوانى مفكّرو الإصلاح عن الإحالة على منظومة أفكار ابن خلدون، في إقامة المتلازمتين؛ العدل والعمران، مقابل الظلم والخراب، كيفما كان؛ بل إنّ ابن أبي الضياف يذهب، في تعريضه بالحكم المطلق، إلى تفكيك هذه المتلازمات الثنائيّة إلى ثلاثيّة؛ الأمن، والأمل، والعمل؛ فعنده «إذا وقع الخطر زال الأمن، وبزواله يزول الأمل، وبزواله يزول العمل؛ إذ الخائف لا أمل له في غير النجاة من الظلم بنفسه وماله، وذلك مؤذن بخراب العمران» (ابن أبي الضياف، 1976م، ج1، ص ص9-17).
إنّ البديل عن الحكم الظالم المستبدّ كامن في نوع من الحكم يستنير بأنظمة الحكم الغربيّة المقيّدة بالقوانين الملزمة للقوّة الحاكمة؛ ولذلك لا عجب في أن نجد الطهطاوي، في رحلته إلى باريس، يلحّ على ضرورة الاقتداء بأرقى مظاهر التمدّن السياسي، ممثّلةً في القانون الدستوري المصطلح عليه بالشرطة (charte constitutionnelle) لسنة (1814م)، وكانت له فرصة تعريبه زمن إقامته في فرنسا (1826-1831م).
ولا يفوته أن يذكّر بتجربة الطهطاوي في الإشادة بالقوانين الدستوريّة، التي بنى الغربُ عليها تمدّنه، حتى قال: «ومن أراد الاطّلاع على عقد نفيس في هذا المعنى، فعليه مطالعة الفصل الثالث من المقالة الثانية من تأليف الشيخ الألمعي أبي محمّد رفاعة الطهطاوي المصري، الذي ألّفه في رحلته إلى باريس، وسمّاه (تخليص الإبريز في تلخيص باريز)، فإنّه لخّص فيه القانون الفرنساوي تلخيصاً حسناً بديعاً يشهد له بالإنصاف، قال فيه: فَلْنَذْكُرْهُ لك -وإن كان غالب ما فيه ليس في كتاب الله تعالى، ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم- لتعرف كيف حكمت عقولهم بأنّ العدل والإنصاف من أسباب تعمير الممالك، وراحة العباد، وكيف انقاد الحكّام والرعايا لذلك حتّى عمرت بلادهم، وكثرت معارفهم، وتراكم غناهم، وارتاحت قلوبهم، فلا تسمع فيهم من يشكو ظلماً أبداً، والعدل أساس العمران» (ابن أبي الضياف، 1976م، ج1، ص44-64).
وعلى أهميّة هذا العدل لدى مفكّري الإصلاح، فإنّه لا يكون نافذاً في الرعية إلّا إذا كان قائماً على الحريّة، مؤسّساً عليها. وتحضرنا، في هذا السياق، تلك القصة المشهورة، التي صارت عنوان رغبة في الاقتداء بالآخر في كلّ ما يُستحسن من أعماله، وجاءت على لسان المؤرّخ التونسي ابن أبي الضياف في صحبته لأحمد باي إلى أحد مسارح الفرنسيين، حيث حضر، بصحبة سلطانهم، مسرحيّة تمثيليّة. ومفادها أنّ بنتاً من بنات الأكابر خطبها رجل ليس من أكفائها في المنزلة الاجتماعيّة، فرفضته أمّها، متذرّعة بأنّ السلطان لا يريد ذلك، ولربّما منعها من التزوّج به. فصاحت البنت، في ذلك المجمع: بأيّ شرع يتصرّف السلطان في أرواحنا بالقهر، ونحن أحرار؟ وأقسمت أنْ تتزوّج بالرجل إظهاراً لحريّتها. فقال لها السلطان: أحسنت، أحسنت، وصفّق بيديه استحساناً لما فعلت (..). والتفت السلطان إلى باي تونس، قائلاً له: يلزمني أنْ أستحسن هذه المقالة سياسةً لهذا الجمهور، ولو لم أفعل ذلك لربّما يُقال لي: إنّي لا أحبّ الحريّة، ويجب على أمثالنا مراعاة الجلب لقلوب الرعيّة بما تستحسنه، وأعظمه العدل الذي منه الحريّة.
ويعقّب ابن أبي الضياف، وقد فهم العبرة من تلك المسرحيّة: «ولمّا انسدل الستر، قام الباي لموضع آخر، وأشار إليّ فماشيْتُه، فقال لي: سلطان الفرنسيس على قوّة عدّته، وكثرة جنوده، بهذه الحالة في مراعاة الرعايا، فكيف بنا أيّها الشيخ؟ فقلت له: إنّ القوم سبقونا إلى الحضارة بأحقاب من السنين حتى تخلّقوا بها، وصارت من طباعهم، وبيننا وبينهم بون بائن. ولله فينا علم غيب نحن صائرون إليه. فقال: نسأل الله حسن العاقبة» (ابن أبي الضياف، 1976م، ج1، ص ص115-116).
وعلى أيّ حال، سواء استُمدّت قيمتا الحرية والعدل من المصادر الإسلامية أم من المصادر الغربية (والأمثلة على ذلك كثيرة قصصاً، ومواقفَ، ودساتير) فإنّ المطلب الأساس تحقيق مصلحة الوطن (الدعوة الوطنيّة)، أو الأمّة (الجامعة الإسلاميّة)، أو الأفراد حكّاماً ومحكومين مع الوعي بضرورة تنسيب هذا المطلب في حدود مراعاة أحوال الوقت في تنزيل الأحكام. هذا الوعي بدرجة تنزيل القيم السياسيّة الإسلاميّة أو الغربيّة في حاضر المسلمين في القرن التاسع عشر كان مؤشّراً على استشعار الوعي بالزمن والتاريخ في فكر المصلحين.
3- المصلحة والوعي بالتاريخ:
تعترضنا، في مؤلّفات مفكّري الإصلاح، عبارات تتكرّر في الحقل الدلالي نفسه تشهد بوعي هؤلاء بمراعاة الأزمنة والأمكنة في تطبيق المصلحة، التي هي، في الأصل، اجتهاد لا دليلَ عليه من نصّ، من قبيل اعتبار أحوال الوقت، اعتبار المصالح المناسبة للوقت والحال.
وفي حديث ابن أبي الضياف عن العمران الحاصل عند الإفرنج (وقد قرأه قراءة فقهيّة أصوليّة) نخرج بأنّ أسباب بلوغ هذه المرتبة عندهم كامنة في تقديم الواجب الضروري على الأمر التحسيني؛ لأنّ التحسين، قبل استقامة ما يُراد تحسينه، تقبيح. وشعوراً منه بقيمة الزمن في تجارب الحياة، يقول: «وانظر حال الإفرنج، الذين بلغ العمران في بلدانهم غاية يكاد السامع لا يصدّق بها إلّا بعد المشاهدة كيف تدرّجوا في أسبابه تدرّجاً معقولاً، فإنّهم أسّسوا قوانين عدل حتى استقرّ الأمن» (ابن أبي الضياف، 1976م، ج1، ص57).
ولأنّ خلاف التدرّج، الذي يقتضيه منطق الزمن، يعني ضرر العمران، وسبب الخراب، «فإنّ أهل القانون في الممالك الغربيّة جعلوا مقداراً من المال معيّناً لمنصب الملِك على مقتضى حال المملكة من عمران، وثروة، واتّساع، وعظمة، لينفِقه فيما يتعلّق بذاته، ولا يُنْكَرُ ذلك. فإنّ الصحابة $ج، لمّا أجمعوا على بيعة أبي بكر الصدّيق $ح منعوه من التجارة، وجعلوا له من بيت المال مقداراً معيّناً يناسب حال الوقت وزهده، وكذلك عمر $ح» (ابن أبي الضياف، 1976م، ج1، ص51).
وعلى شاكلة هذا المنحى من التأصيل الفقهي، وتعريضاً بالاستبداد الناجم عن عدم تقيّد الحكم بالقانون، يرى خير الدين «أنّ إطلاق أيدي الملوك مجلبة للظلم على اختلاف أنواعه، كما هو واقع اليوم في بعض ممالك الإسلام، ووقع بممالك أوربا في تلك القرون، عند استبداد ملوكها بالتصرّف المطلق في عبيد الله، من غير تقيّد بقانون عقلي، مع حسن سيرة مجاوريهم، إذّاك، من الأمّة الإسلاميّة الناتج عن تقييد وُلاتهم بقوانين الشريعة، التي من أصولها المحفوظة إخراج العبد عن داعية هواه، وحماية حقوق العباد، سواء كانوا من أهل الإسلام أم من غيرهم، واعتبار المصالح المناسبة للوقت والحال، وتقديم درء المفاسد على جلب المصالح، وارتكاب أخفّ الضررين اللازم أحدهما» (التونسي، 1991م، ج1، ص106).
أمّا مبدأ الحريّة، وهو من المصالح الواجب رعايتها للأفراد والمجتمعات، فيقيّده خير الدين بطبيعة المعرفة، وبمستوى معاش السكان. يقول: «نعم من الواجب على مؤسّس أصول الحريّة السياسيّة اعتبار أحوال السكان ومقدار تقدّمهم في المعارف ليُعْلَم، بذلك، متى يسوغ إعطاء الحريّة التامة، ومتى لا يسوغ (...) ومتى يخصّ لمن قامت به شروط معتبرة، ثمّ توسيع دائرتها بحسب نموّ أسباب التمدّن شيئاً فشيئاً» (التونسي، 1991م، ج1، ص180).
4- خاتمة وآفاق:
هذه الأمثلة وشبهها، ممّا سقناه في المحاور الثلاثة السالفة الذكر، تشهد بأنّ مفكّري الإصلاح، وهم ينزّلون المصلحة تنزيلاً في الواقع، يفكّرون في إطار المقاصد الشرعيّة، التي تجلوها الأصولُ التكميليّة التابعة، بما هي اجتهادات متراكمة في الزمان والمكان دعت إليها الحاجة إلى الخروج من أسر الأصول التاريخيّة الأولى، أصولٌ تابعةٌ، ظلّ العلماء يأخذون بها، أحياناً، ويتركونها أخرى بحسب طبيعة المعرفة السائدة في كلّ عصر، وموازين القوى السياسيّة، والاجتماعيّة، والدينيّة. ولكنّ عصر النهضة العربيّة الإسلاميّة، تحت تأثير ما شاهده علماؤه من ارتقاء الغرب في التمدّن والعمارة، كان أحوج العصور إلى تسويغ الأخذ بهذه الأصول، ومنها خاصة المصلحة، وقد ولدت مرسلة، وإنْ أدّى الأمر، أحياناً، إلى الغفلة عن الحاضر والراهن في مقايسة بالماضي المجيد للأمّة، أو إلى انبهار غير مسبوق بما حقّقه الآخر في مضمار التمدّن والعرفان.
والظاهر للعيان أنّ هذا الفكر الباحث عن أسباب اليقظة فكر غائي نفعي وتبريري تسويغي في آن، مثلما تدلّ عليه مدلولات المصلحة، التي هي، في بعض وجوهها، ضرب من الحيل الفقهيّة تجري إلى تحصيل النتيجة (المنفعة)، ولو على حساب الوسائل، ولكن لا ضير، فقد تقرّر في أصول المقاصد المالكيّة أنّ «الوسائل تُعْطَى أحكام المقاصد في الاعتبار» (ابن أبي الضياف، 1976م، ج1، ص44). فالظاهر أنّ المصلحة ومقتضياتها كانت على صلة بالواقع المتحوّل، والأزمنة المتغيّرة، شأنها شأن الفقه الإسلامي أوّل نشأته شرعت أحكامه لتكون عمليّة نفعية بالأساس.
وبعدُ، هل نجح فكر الإصلاح في استثمار المصلحة في الواقع الإسلامي المتغيّر منذ فارق المسلمون لحظة التنزيل القرآني، ودخلوا التاريخ المتقلبة أحواله، وعرفوا الزمن وتصاريفه؟
لا شكّ في أنّ هذا الفكر، في المرحلة التي ظهر فيها، وفي الأطر الاجتماعيّة للمعرفة التي كيّفته، كان معبّراً عن حيويّة بعد ركود، وحياة بعد موت. ولكنّه كان فكراً إيديولوجياً، في الأساس، لا يبني تصوّراً جديداً للأصول الأولى أو التابعة (التكميلية)، وإنّما يكرّس بالمسوّغات، التي عرضناها ما استقرّ من هذه الأصول والقواعد. فما حقّقه فكر الإصلاح ليس بالكثير، من حيث الارتقاء بعلم الأصول، ممّا ران عليه من القواعد الجامدة، فأعاقه عن التجديد الحقيق.
لكنّ المشكل، اليوم، في الحنين إلى هذا المرقد (التراث)، وتعطيل المصالح بدعوى الوفاء الزائف للأصول. أمّا الوعي بتطوير خطاب النهضة والإصلاح، والمضي به في مزيد تحقيق مصالح البلاد والعباد، فأمر موكولٌ إلينا، اليوم، الاضطلاعُ به.
قائمة المصادر والمراجع
- ابن أبي الضياف، أحمد، إتحاف أهل الزمان بأخبار ملوك تونس وعهد الأمان، الدار التونسيّة للنشر، تونس، ط2، 1976م.
- ابن منظور، لسان العرب، دار صادر، بيروت، ط4، 2005م.
- التونسي، خير الدين، أقوم المسالك في معرفة الممالك، بيت الحكمة، تونس، ط1، 1991م.
- خدوري، مجيد، (Maslaha) في دائرة المعارف الإسلاميّة (طبعة جديدة بالفرنسيّة) EI?2? ج VI، (د.ت).
- ذويب، حمادي، جدل الأصول والواقع، دار المدار الإسلامي، بيروت، ط1، 2005م.
- زيد، مصطفى، المصلحة في التشريع الإسلامي ونجم الدين الطوفي (ملحق الرسالة)، دار الفكر العربي، القاهرة، ط1، 1954م.
- السنوسي، محمّد، الرحلة الحجازيّة، تحقيق علي الشنّوفي، الشركة التونسيّة للتوزيع، تونس، ط1، 1976م.
- الطهطاوي، رفاعة رافع، مناهج الألباب المصريّة، في الأعمال الكاملة، تحقيق محمّد عمارة، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، ط1، 1973م.
- العجم، رفيق، معجم مصطلحات أصول الفقه، مكتبة لبنان ناشرون، بيروت، ط1، 1998م.
- ياسين، عبد الجواد، السلطة في الإسلام العقل الفقهي السلفي بين النصّ والتاريخ، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، ط2، 2000م.
1 نشر ضمن مشروع "مقاربات معرفية في الإصلاح الديني"، مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث.
[2]- رواه ابن عبد البر في التمهيد 1/118
إرسال تعليق