سيرحلون لا محالة وسيبقى الوطن، رغم جراحه، رغم آلامه، رغم وجعه، سيبقى ربما منكسراً لكنه لن يموت سيتعافى شيئاً فشيء حتى يعود لعنفوانه، لوهجه، لقوته، لزهوه..
سيرحل المغتصبون، سيرحل الطامعون، سيرحل المتلونون، سيرحل المتمصلحون، سيرحل المتحالفون، سيرحل المتآمرون، سيسلكون ذات طريق المجيء ثم يشدون رحالهم..
لن يبق على أرضي وصيا، لن يبق في وطني خونه، لن يبق على تربته مرتزقة، لن يحتضن بين جنباته عملاء، لن يحتوي بين خلجاته (عبيداً) للأموال، لن يطأ تربته أصنام أو هلاميون أو بائعوا الوهم..
سيرحلون جميعاً وسيبقى وطني شامخاً أبياً ترفرف رأيته خفاقة تعانق عنان السماء، وتداعب نسائم الهواء،سيرحلون وبجوفهم حسرة ووجع ونار الإنسحاق تكوي دواخلهم،تمزق أحشائهم، تضطرم في صدورهم..
سيمضون من جيث (أتوا)، وربما لن تبق لهم ذكرى أو مكانٍ، سيأخذون تلك المآسي التي خلفوها معهم، سيجرون قوافل البؤس التي أتوا بها، سيحملون أمتعة (الفشل) على ظهورهم، وسينتشي وطني، سينتفض، سينهض رويداً، رويداً، وسيتعافى مع مرور الزمن..
سيرحلون جميعاً.. ولكن لاعزاء للخونة، لا عزاء للمرتزقة، لا عزاء للعملاء، لا عزاء لعبيد ( المال ) ، لاعزاء لبائعي الوهم وفاقدي الضمائر والأخلاق والمبادئ والوطنية والهوية والإنتماء..
سيرحل أسيادهم .. وسيبقون هم، يندبون (حظهم) ، وسينوحون على (ماضيهم)، وسيبكون على أرباب (نعمتهم)، وستُنكس رؤوسهم،ويستباح ماء وجوههم، وتُهدر ماتبقت لهم من كرامة مصطنعة ووطنية كاذبة مزيفة..
سيرحلون جميعاً وسيلفظ وطني من بين جنباته كل من تآمر عليه، كل من تحالف ضده، كل من غرز (خناجره) في ظهره، كل من كان مرتهن لغيره، كل من عزف على وتر (الوطنية) والهوية والإنتماء مقابل دراهم معدودة..
لن يطول بهم العمر، وستتآكل أيامهم وستمر بهم السنون مر (السحاب) ثم سيصبحوا ذكرى مؤلمة ،وأيام بؤس قاسية، وليالي خوفٍ مظلمة، ولحظات وجع قاتلة، ولكن سيبقى الوطن يتسامى فوق آلامه، ويضمد جراحاته، ويخط على صدر الزمانه حكاية النهوض من تحت أنقاض القهر والتدمير..
كتب : فهد البرشاء
إرسال تعليق