من الأفكار التي طالما آمنت بها، هي أن القرآن لا يتكرر مهما أعدنا قراءته, الألفاظ ثابتة وسرمدية نعم لكن المعاني تتغير بمقدار وعينا نحن
من الأفكار التي طالما آمنت بها، هي أن القرآن لا يتكرر مهما أعدنا قراءته.. الألفاظ ثابتة وسرمدية نعم.. لكن المعاني تتغير بمقدار وعينا نحن.. أي أنه يضيق ويتّسع بحسب ذهن المتلقي.. وخذ مثالا على ذلك هذه الآية الكريمة.. "ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تُظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبّة من خردل أتينا بها وكفى بِنَا حاسبين"..
آية في منتهى البساطة.. وممكن لها أن تضيق بحيث يستطيع طفل في العاشرة أن يفهمها ويفسرها، ويقول أنها تتعلق بدقة الحساب يوم القيامة.. وأنّ الله عنده ميزان دقيق يحسب حتى حبة الخردل المتناهية في الصغر.. وهذا تفسير مقبول.. لكن تعال الآن فكّر فيها قليلا كشخص ناضج.. لترى كيف ستتسع الآية بحسب فهمك بدون أن تتغير الألفاظ..
بداية ، الحساب يوم القيامة يكون على أعمال الناس وأقوالهم.. ماذا فعلت للناس، وماذا فعلوا لك.. وماذا قلت لهم وماذا قالوا لك.. وهذه الأشياء تأثيرها على حياتنا متشعب ومتعدد جدا.. ولنفرض مثلا أن الذنب المراد قياسه هو أن شخصا قتل والدك.. فكيف يمكن قياس تأثير هذا الأمر عليك وعلى عائلتك؟ تحتاج ميزانا يقيس الحزن.. وآخر يقيس لوعة الفقد.. وآخر يقيس غياب الدعم.. وميزان لقياس انقطاع الرزق.. وحشة أمك.. انكسار أختك.. المسؤولية التي تحمّلتها.. كل هذه أمور تحتاج أكثر من ميزان واحد.. فتعود للآية لتجد أن الكلمة المناسبة فعلا قد استعملت.. (موازين)
ثم إن هذه الموازين.. تحتاج أن تكون دقيقة جدا.. لتحيط بالأمر من كافة جوانبه.. لأنه حتى الحزن متغير بين شخص وآخر.. ما حزنته أنت مختلف عما حزنته أمّك.. ومختلف عن حزن أختك.. فكيف يمكن حساب هذا الحزن فعلا ليتم التعويض عنه؟ فتجد الآية تردّ عليك.. وإن كان مثقال حبّة من خردل أتينا بها.. سنقيس حزنك بوحدات لا تفهمها.. لكننا نقربها لك بما تعرف.. وزن حبّة الخردل.. فتراك تقول.. لكن الأمر يا الله لا يوزّن بالخردل؟ فيردّ عليك.. وكفى بِنَا حاسبين..
هذه مجردّ آية من سطر واحد.. واحتاجت أكثر من صفحة لتفسيرها دون الدخول في تفاصيل أخرى.. لكن هذا هو المنهج.. في القرآن وفِي كل ما خلق الله في هذا الكون البديع من النبتة الصغيرة حتى الجلمود الأصمّ.. ترى الشيء فتحسبه سهلا ممكنا.. لكنّه يحوي من التعقيد ما لا يمكن تخيَله..
إدراك حقيقة كهذه لا يجب لها فقط أن تجعلنا مستمرين في التعلّم وتوسيع المدارك.. بل عليها أيضا أن تذكّرنا بتواضعنا.. وأننا ما أوتينا من العلم إلا قليلا..
ــــــــــــــــــــــ
الكاتب ديك_الجن
من الأفكار التي طالما آمنت بها، هي أن القرآن لا يتكرر مهما أعدنا قراءته.. الألفاظ ثابتة وسرمدية نعم.. لكن المعاني تتغير بمقدار وعينا نحن.. أي أنه يضيق ويتّسع بحسب ذهن المتلقي.. وخذ مثالا على ذلك هذه الآية الكريمة.. "ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تُظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبّة من خردل أتينا بها وكفى بِنَا حاسبين"..
آية في منتهى البساطة.. وممكن لها أن تضيق بحيث يستطيع طفل في العاشرة أن يفهمها ويفسرها، ويقول أنها تتعلق بدقة الحساب يوم القيامة.. وأنّ الله عنده ميزان دقيق يحسب حتى حبة الخردل المتناهية في الصغر.. وهذا تفسير مقبول.. لكن تعال الآن فكّر فيها قليلا كشخص ناضج.. لترى كيف ستتسع الآية بحسب فهمك بدون أن تتغير الألفاظ..
بداية ، الحساب يوم القيامة يكون على أعمال الناس وأقوالهم.. ماذا فعلت للناس، وماذا فعلوا لك.. وماذا قلت لهم وماذا قالوا لك.. وهذه الأشياء تأثيرها على حياتنا متشعب ومتعدد جدا.. ولنفرض مثلا أن الذنب المراد قياسه هو أن شخصا قتل والدك.. فكيف يمكن قياس تأثير هذا الأمر عليك وعلى عائلتك؟ تحتاج ميزانا يقيس الحزن.. وآخر يقيس لوعة الفقد.. وآخر يقيس غياب الدعم.. وميزان لقياس انقطاع الرزق.. وحشة أمك.. انكسار أختك.. المسؤولية التي تحمّلتها.. كل هذه أمور تحتاج أكثر من ميزان واحد.. فتعود للآية لتجد أن الكلمة المناسبة فعلا قد استعملت.. (موازين)
ثم إن هذه الموازين.. تحتاج أن تكون دقيقة جدا.. لتحيط بالأمر من كافة جوانبه.. لأنه حتى الحزن متغير بين شخص وآخر.. ما حزنته أنت مختلف عما حزنته أمّك.. ومختلف عن حزن أختك.. فكيف يمكن حساب هذا الحزن فعلا ليتم التعويض عنه؟ فتجد الآية تردّ عليك.. وإن كان مثقال حبّة من خردل أتينا بها.. سنقيس حزنك بوحدات لا تفهمها.. لكننا نقربها لك بما تعرف.. وزن حبّة الخردل.. فتراك تقول.. لكن الأمر يا الله لا يوزّن بالخردل؟ فيردّ عليك.. وكفى بِنَا حاسبين..
هذه مجردّ آية من سطر واحد.. واحتاجت أكثر من صفحة لتفسيرها دون الدخول في تفاصيل أخرى.. لكن هذا هو المنهج.. في القرآن وفِي كل ما خلق الله في هذا الكون البديع من النبتة الصغيرة حتى الجلمود الأصمّ.. ترى الشيء فتحسبه سهلا ممكنا.. لكنّه يحوي من التعقيد ما لا يمكن تخيَله..
إدراك حقيقة كهذه لا يجب لها فقط أن تجعلنا مستمرين في التعلّم وتوسيع المدارك.. بل عليها أيضا أن تذكّرنا بتواضعنا.. وأننا ما أوتينا من العلم إلا قليلا..
ــــــــــــــــــــــ
الكاتب ديك_الجن
إرسال تعليق