U3F1ZWV6ZTM1MDgwNzg5ODg1MDQyX0ZyZWUyMjEzMTk5NTcyNTU4MA==

أصحــــــــــــــــــــــــــابي كالنجــــــــــــــــــــــــــــــــوم:

الحجم

لقد عصر الصحابة الأعاصير مستخرجين منها ماء ثجّاجًا، وجفّفوا المستنقعات الآسنة محيلين إياها إلى واحات تزدهي بالجمال الآسر وتزدان بالثمار اليانعة. وأثبتت القرون أنهم قهروا القهر، وعصفوا بالعَسْف، وأجبروا الجور على الاختباء تحت أكمام المستبدين والاختفاء في قلوب الظالمين، فتسلّطوا بقوة الحق على الطغاة، وسطوا بالجبابرة، وقصفوا الفراعنة، وأوقعوا بالمتجبرين، وساموا المتكبرين، داسّين أنوفهم في التراب الذي صُنعت منه أول مرة، ومذيقين إياهم بعض حصاد أيمانهم.
....نجح دهاؤهم في لَجْم الدواهي، ونجح ذكاؤهم في إذكاء الفطنة، وصنعوا من الإخفاقات خبرات، ومن العثرات عبرات، جاعلين من التحديات فرصًا ومن الدركات درجات، ومن العاهات واحات.
لم يندبوا حظهم وإنما انتدبوا أنفسهم لمعالجة الندوب، حيث عثروا على دواء العثرات وتوصلوا إلى أكاسير الحياة، وتراييق التخلف، ونجحوا في إبراء عضلات الأمة من معضلاتها.
لقد واجهوا العَسْف بالعدل، والتحكم بالحكمة، والمكر بالفطنة، وألاعيب السياسة بالكياسة، وقابلوا صَرْصَرَ الاعتداء بدَمْدَمَة الجهاد، ودمّروا عواصف الباطل بقواصف الحق، ومزقوا أغلال التقليد بسيوف التجديد، وطردوا أضناك الشتاء بمباهج الربيع.
وبهذا المنهج المتين ألبسوا الزمن حُللاً سندسية، وطرّزوا الدهر بمنجزات عَسْجَدِية، عبر أناملهم الذهبية التي زينت الوجود بأبهى الروائع، وبَهْرَجَت الحياة بأفخم المباهج.لقد انتقاهم الحق من جموع الخلق، واختارهم الحكيم من بين الورى، وغَرْبَلَهم من بين أشتات البشر، وامتحنهم من بين معادن الناس، فكانوا أهلاً لاصطفائه، جديرين باجتبائه، إذ سطروا لوحة الكون ببدائعهم، وبيضوا كتاب التاريخ بفضائلهم، وحبَّروا صفحة الوجود بمنجزاتهم، ولَوَّنوا وجه الحياة بآثارهم.
.ولكي تصل أجيالنا ما انقطع وتُكمل ما ابتدأ، وحتى تكون مِسْكًا لأمتها الزاكية، لا بد أن يتنافس المتنافسون من أبنائها على ارتشاف منهج الرشد من معين الصحابة الكرام، واحتساء سنن التمكين من غدير سلفها الصالح، فإن منهج الصحابة رضي الله عنهم "رحيق" مصفَّى لأبرار عصرنا و"تَسنيمٌ" عذبٌ للمقرَّبين في دهرنا، حتى ينجح سعيُهم لتحقيق الخلاص المنشود وتقريب التمكين الموعود.
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة