"بين بين" كتاب يحوي بين طياته مجموعة من المقالات النقدية الساخرة التي تتراوح ما بين الجد في الحديث والهزل في بحث القضايا الأساسية التي تهم المجتمع وتنقذه من جهة أخرى، ومن أهم عناوين هذه المقالات بين الأدب والسياسة، حوار في الأدب النفوس القلقة، لبنان، دين، شياطين الأنس.. والجن، جوع وأحاديث، ضمير حائر، الوسائل والغايات.
انظر يا سيدي عن يمين فسترى الإبراشي باشا كاسف الباب ضيق الصدر شاحب الوجه مقطب الجبين , مخفوض الرأس مقوس الظهر مطبق الفم , معقود اللسان وسترى من حوله الغرور وبنات الغرور ثم اليقظة وبنات اليقظة وهن يتراقصن ويتبادلن فيما بينهن أحاديث عنيفة ليتة فيها حزن ويأس وفيها سخرية ودعابة والرجل بين هؤلاء الراقصات يقظان كالنائم ونائم كالقيظان قد زلزلت به الأرض زلزالا شديداً لم يتصل ولم يطل أمده ولكن الأرض على ذلك ما زالت تدرو به وتضطرب من تحته حتى اصبح لايملك قرة على أن يحقق شيئاً او يثبت في نفسه شيئاً او يفكر في شيئ او يقدر شيئاً إنما
هو داخل مأخوذ يرى هؤلاء الراقصات يضطرب من تحته حتى أصبح لا يملك قدرة على ان يحقق شيئاً أو يثبت في نفسه شيئاً أو يفكر في شيء أو يقدر أو يقدر شيئاً إنما هو داخل مأخوذ يرى هؤلاء الراقصات يضطربن من حوله , بعضهن ينتحبن ويبعثن في الجو نشيجاً وزفيراً وبعضهن يضحكن ويبعثن في الجو صياحاً متصلاً فيه الرضى وفيه الابتهاج وفيه السخر من طغيان الطغاة والاستهزاء بظلم الظالمين والاستخفاف بهذه الامال العذاب الكذاب التي تملأ الانسان غروراً وجهلاً وحمقاً وثقة بالنفس واطمئنانا إلي الأيام والرجل يرى ولا يحقق والرجل يسمع ولا يفهم والرجل قد أخذه هذا الذهول حتى إنه ليود لو استطاع أن ينهض فيرقص مع هؤلاء الراقصات المحزونات أو يدور مع هؤلاء الدائرات المبتهجات ولكنه واهن خائر القوى منهوك الجسم كماأنه منهوك العقل قد سكن هو واضطرب من حوله كل شئ بل سكن جسمه واضطرب في نفسه وعقله وقلبه وجوفه كل شيء .
ثم انظر يا سيدي وأبعد النظر قليلاً . فسترى رجلاً آخر قد تقدمت به السن بعض الشيء وأرسلت عل صدره لحيته إرسالاً ودارت على رأسه خرقه بيضاء ....هو جاثم في مكانه يهم أن يقول فلا يستطيع أن يقول يهم ان يعمل فلايستطيع أن يعمل يهم ان يفكر فلا يستطيع ان يفكر وإنما أخذت عليه طرق القول والعمل والتفكير أشباح لا تنقطع تمر أمامه متتابعة وهو راها تخرج من مكانها لا يستطيع لها رداً ولا يملك منها مهرباً ولا يبلغ لها إحصاء يرى مأن الأرض تمر امامه مراص ولا يمر منها جزء إلا انفتح فيه قبر وخرج من هذا القبر شبح او اشباح وهو لا يدري ما خطب هذه الاشباح التي تطيف به وتدور من حوله وتنشق له عنها الأرض وتنفتح له عنها القبور وهو يكاد يصبح لو استطاع الصياح ويكاد يسأل لو أطاق السؤال ولكن هاتفاً يهتف به : أرح نفسك من السؤال والصياح فإنما انت رجل تحب القبور وزيارة القبور وأنت رجل محزون مكدود لا تستطيع أن تسعى إليها زائراً ولا عاتباً ولا متوسلاً ولا مستعطفاً فهي تسعى اليك وهي تلم بك وتقف عندك وهي تقرأ ما في نفسك وتفهم ما في قلبك وكم تحب أن تجيبلك إلي ما تبتغي وتعينك على ما تريد .
الأســـــــــــــم : بين بين
المـــــــؤلـــف : طه حسين
النــــــاشـــــر : مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافه
سنة النشـــــر : 2014
عدد الصفحات : 95 صفحه
الحـجــــــــــم : 3ميجا بايت
رابط تحميل مباشر - جوجل درايف
رابط تحميل فورشيرد
مقدمة
انظر يا سيدي عن يمين فسترى الإبراشي باشا كاسف الباب ضيق الصدر شاحب الوجه مقطب الجبين , مخفوض الرأس مقوس الظهر مطبق الفم , معقود اللسان وسترى من حوله الغرور وبنات الغرور ثم اليقظة وبنات اليقظة وهن يتراقصن ويتبادلن فيما بينهن أحاديث عنيفة ليتة فيها حزن ويأس وفيها سخرية ودعابة والرجل بين هؤلاء الراقصات يقظان كالنائم ونائم كالقيظان قد زلزلت به الأرض زلزالا شديداً لم يتصل ولم يطل أمده ولكن الأرض على ذلك ما زالت تدرو به وتضطرب من تحته حتى اصبح لايملك قرة على أن يحقق شيئاً او يثبت في نفسه شيئاً او يفكر في شيئ او يقدر شيئاً إنما
هو داخل مأخوذ يرى هؤلاء الراقصات يضطرب من تحته حتى أصبح لا يملك قدرة على ان يحقق شيئاً أو يثبت في نفسه شيئاً أو يفكر في شيء أو يقدر أو يقدر شيئاً إنما هو داخل مأخوذ يرى هؤلاء الراقصات يضطربن من حوله , بعضهن ينتحبن ويبعثن في الجو نشيجاً وزفيراً وبعضهن يضحكن ويبعثن في الجو صياحاً متصلاً فيه الرضى وفيه الابتهاج وفيه السخر من طغيان الطغاة والاستهزاء بظلم الظالمين والاستخفاف بهذه الامال العذاب الكذاب التي تملأ الانسان غروراً وجهلاً وحمقاً وثقة بالنفس واطمئنانا إلي الأيام والرجل يرى ولا يحقق والرجل يسمع ولا يفهم والرجل قد أخذه هذا الذهول حتى إنه ليود لو استطاع أن ينهض فيرقص مع هؤلاء الراقصات المحزونات أو يدور مع هؤلاء الدائرات المبتهجات ولكنه واهن خائر القوى منهوك الجسم كماأنه منهوك العقل قد سكن هو واضطرب من حوله كل شئ بل سكن جسمه واضطرب في نفسه وعقله وقلبه وجوفه كل شيء . ثم انظر يا سيدي وأبعد النظر قليلاً . فسترى رجلاً آخر قد تقدمت به السن بعض الشيء وأرسلت عل صدره لحيته إرسالاً ودارت على رأسه خرقه بيضاء ....هو جاثم في مكانه يهم أن يقول فلا يستطيع أن يقول يهم ان يعمل فلايستطيع أن يعمل يهم ان يفكر فلا يستطيع ان يفكر وإنما أخذت عليه طرق القول والعمل والتفكير أشباح لا تنقطع تمر أمامه متتابعة وهو راها تخرج من مكانها لا يستطيع لها رداً ولا يملك منها مهرباً ولا يبلغ لها إحصاء يرى مأن الأرض تمر امامه مراص ولا يمر منها جزء إلا انفتح فيه قبر وخرج من هذا القبر شبح او اشباح وهو لا يدري ما خطب هذه الاشباح التي تطيف به وتدور من حوله وتنشق له عنها الأرض وتنفتح له عنها القبور وهو يكاد يصبح لو استطاع الصياح ويكاد يسأل لو أطاق السؤال ولكن هاتفاً يهتف به : أرح نفسك من السؤال والصياح فإنما انت رجل تحب القبور وزيارة القبور وأنت رجل محزون مكدود لا تستطيع أن تسعى إليها زائراً ولا عاتباً ولا متوسلاً ولا مستعطفاً فهي تسعى اليك وهي تلم بك وتقف عندك وهي تقرأ ما في نفسك وتفهم ما في قلبك وكم تحب أن تجيبلك إلي ما تبتغي وتعينك على ما تريد .
فهرس الكتاب
| بين الأدب والسياسة الدب الصيف ما حوار في الأب عيد طيف ضمير حائر الضمائر القلقة في الذوق خوف النفوس القلقة الوسائل والغايات لبنان الصيف دين شياطين الإنس ... والدن جوع واحاديث |
بيانات الكتاب
المـــــــؤلـــف : طه حسين
النــــــاشـــــر : مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافه
سنة النشـــــر : 2014
عدد الصفحات : 95 صفحه
الحـجــــــــــم : 3ميجا بايت
رابط تحميل فورشيرد
إرسال تعليق