U3F1ZWV6ZTM1MDgwNzg5ODg1MDQyX0ZyZWUyMjEzMTk5NTcyNTU4MA==

تحليل شخصية صدام حسين :

الحجم

.
.
.
جذَبت شخصية "صدام حسين" تخيُّلات الأمريكيين الذين رأوا أن تهديداته مشابهة لتلك التي كانت لـ"هتلر"، ونظروا إليه على أنه الديكتاتور الشِّرير، وكانت المادة الخاصة بصدام مكثَّفة في وسائل الإعلام، قدم "بوست" تصوُّراته عن "صدام" في شهادة له أمام الكونجرس، وكانت هذه الشهادة سببًا في تشجيع صانعي القرار على منْح السلطة لإدارة بوش في استخدام القوة ضد العراق.
وقد كانت وكالة مخابرات الدفاع DIA قد صمَّمت تصورًا تشخيصيًّا عن "صدام حسين" احتفظَت به الـ CIA كنسخة سريَّة، عَهِد إلى وكالة مخابرات الدفاع مهمَّة الوقوف على القدرات والمقاصد العسكرية العراقيَّة، وقبل يومين من إرسال صدام قوَّاته على حدود الكويت، قال "والتر لانج" أقدمُ المحلِّلين النفسيين المدنيين في مخابرات الدفاع عن شؤون الشرق الأوسط لرؤسائه: "إنَّ صدام جمَع قوَّات أكثر مما يحتاج إليها؛ لتخويف الكويت"، كما جاء في تقارير "بوب وودوارد": "أنا نظرتُ إلى بروفيل شخصيَّة صدام، فوجدْتُ "أنه لا يعرف كيف يخدع..، ولا تُبيِّن أنماط سلوكيَّاته السابقة ذلك"، وبعد الغزو قدَّم "بوست" بروفيله عن صدام أمام مستمعيه من وكالة مخابرات الدفاع، مؤكِّدًا أنَّ "صدام" يُمكن أن يغيِّر رأْيه، قدَّم "بوست" وصفًا متقَنًا عن "صدام"، قال فيه: إنه يعاني من نرجسيَّة شديدة، "وهي اختلال خطير في الشخصية، سِمَتُها مبالغة متشدِّدة، وقسوة سادية، "حبُّ التعذيب والسيطرة والتحكُّم، وإذلال الآخر"، وافتقاد كامل للندم، كان صدام غارقًا تمامًا في ربْط نفسه مع "بُخْتنَصَّر" الملك البابلي الذي دخَل القدس، ومع صلاح الدين الذي أخرَج الصليبيين من القدس في 1110، ومع "جمال عبدالناصر" الذي أخرَج البريطانيين من مصر.
لقد نجَح "خير الله" عمُّ "صدام" في تشريبه منذ صِغَره كراهيةَ الأجانب والأيديولوجية البعثيَّة الانتقاميَّة للقوميَّة العربيَّة، وصَف "بوست" صدام بالقسوة وبسيطرة أحلام توحيد العرب تحت لوائه، "لكنَّه اعترَف بأنَّ "صدام" لَم يكنْ رجلاً مجنونًا، وحكَم عليه بأنه كان مُتسِقًا نفسيًّا مع الواقع، ولكنَّه سياسيًّا كان بعيدًا عن الواقع، وأبدَى "صدام" توافقًا مدهشًا عند الضرورة، خالَف نفسه على سبيل المثال عندما انسحَب من المناطق الإيرانية التي احتلَّها ووافَق على مشاركة مياه شط العرب المتنازَع عليها مع إيران...، إنَّ "صدام" سوف ينسحب فقط من الكويت إذا كان الانسحاب مشرِّفًا ومحافظًا على قوَّاته".
تجنَّب "بوست" التنبؤات الحادة حول الكيفيَّة التي تنتهي بها الأزمة، وقال: "إن مواقف صدام المعاكسة هي التي تصدم القارئ"، رأى الكثيرون أنَّ بروفيل "بوست" يقوِّي الاعتقاد بأنَّ "صدام" يُمكن أن يتنازل عن موقفه في اللحظة الأخيرة، لكنَّه لَم يفعل ذلك، قال المسؤولون في إدارة بوش السابقة: "إنَّ حِسَّهم الباطني هو أن "صدام" لن يتراجَع تمامًا، ولكن بالأحرى سوف ينسحب انسحابًا جزئيًّا، بحيث يخترق تجمُّع الحلفاء ضده".
وكان رأي "سكاوكروفت" - كما جاء في مُذكراته - بأنه: "ليستْ واحدة من التصورات التشخيصية لصدام تتَّسق مع شخصيَّته؛ ولهذا فإنَّ جورج بوش - كما يرى "بوست" - استبعَد أن يُغادر "صدام" الكويت؛ حفاظًا على ماء وجْهه، وأنه لن ينسحبَ إلاَّ مُجبرًا ومُصابًا بالخِزي".
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة