كشف بحثٌ أجراهُ علماء من جامعة «مانشستر» المنشور في السابع عشر من نيسان الحالي في المجلة ذات التصفح المجاني «بلوس لعلم الأحياء-PLOS Biology »، بأن لون الضوء له تأثير كبير على كيفية قيام الساعة البيولوجية بقياس الوقت اليومي، ويؤثّر أيضًا على كيفية ضبط وظائف أعضاء الحيوانات والسلوك الذي يَتْبعُ ذلك(1). تُقدم الدراسة ولأول مرة آلية تُوضح كيفية قيام ساعتنا البيولوجية بقياس التغيرات العصبية الحاصلة بسبب الألوان الخفيفة المُصاحبة للفجر والغسق.
درس الباحثون التغير في الضوء قرابة الفجر والغسق لتحليل ما إذا كان بالإمكان استخدام اللون لتحديد الوقت من اليوم بجانب التغيرات المعروفة جيدًا لشدة الضوء التي تحدث عند شروق الشمس وغروبها، ووجد العلماء أن اللون خلال ضوء الشفق هو أكثر زرقة ومصداقية منه خلال اليوم، ثم قام الباحثون بتسجيل النشاط الكهربائي للساعة البيولوجية حيث أظهرت الفئران تحفزات بصرية مختلفة. ووجد الباحثون أن الكثير من الخلايا العصبية كانت أكثر حساسية للتغيرات بين اللونين الأزرق والأصفر(2) من التغيرات في السطوع.
هذا وقام العلماء بمحاكاة سماءٍ اصطناعية، والتي بدورها أعادت خلق التغيرات اليومية في اللون والسطوع والتي كانت مطابقة لما تم قياسهُ سابقًا في الجزء العلوي من مبنى جامعة باريسر «Pariser» على مدى أكثر من شهر. وكما هو متوقع بالنسبة للحيوانات الليلية؛ وعندما وُضعت الفئران تحت هذه السماء الاصطناعية لعدة أيام، سجلت أعلى درجة حرارة للجسم بعد الغسق مباشرة إلى أن أصبح لون السماء أزرقًا قاتمًا، مشيرةً بذلك إلى أن الساعة البيولوجية لأجسامهم تعمل على النحو الأمثل. وإذا ما تم تغيير سطوع السماء فقط بدون أي تغيير في اللون تصبح الفئران أكثر نشاطًا قبل الغسق، مما يدل على أن الساعة البيولوجية لأجسامهم لم تكن منتظمة بشكل صحيح مع دورة الليل والنهار(3).
وقال الدكتور «تيموثي براون- Timothy Brown» قائد فريق البحث من كلية العلوم الحياتية: «هذه هي المرة الأولى التي كنا قادرين فيها على اختبار النظرية على أي حيوان ثديّ، كان دائمًا من الصعب جدًا فصل التغيُّر في اللون عن التغير في السطوع، ولكن باستخدام أدوات تجريبية جديدة ونهج علم الطبيعة النفسية نجحنا بذلك». وأضاف: «المثير حول بحثنا هو أن النتائج يمكن تطبيقها على البشر كذلك، حيث يمكننا نظريًا أن نستخدم اللون للتلاعب بساعتنا البيولوجية، والتي يمكن أن تكون مفيدة للعاملين في نظام المناوبات أو المسافرين الراغبين في تخفيف آثار اختلاف التوقيت في الرّحلات الطويلة».
(1): الحيوانات تستخدم ساعة الدماغ الداخلية لتَتَبُّع الوقت ولضبط سلوكها، على أيّ حال يجب أن تكون هذه الساعة متزامنة مع التوقيت الخارجي، وتقييم الوقت الخارجي عادة ما يُعتقد أنه يعتمد على قياس التغيرات الكبيرة في شدة الإضاءة المحيطة التي تحدث على مدى الفجر والغسق، فَلون الضوء يتغير أيضًا خلال تحولات الشفق، لكن من غير المعروف حاليًا ما إذا كانت هذه التغيرات في اللون مهمة لمزامنة الساعات البيولوجية مع الدورة الشمسية.
(2): يبين البحث أن محور تمييز الثدييات بين اللونين الأزرق والأصفر يوفر مؤشرًا أكثر موثوقية من نظام تطور الغسق لقياس التغيرات في شدة الضوء فقط، هذا ويتم استخدام التسجيلات الكهربائية من ساعة الدماغ للكشف عن وجود الخلايا العصبية التي يمكنها تتبع التغيرات في اللونين الأزرق والأصفر والتي تحدث خلال الشفق الطبيعي.
(3): إنّ استخدام الفئران في ظل أنظمة الإضاءة مع محاكاة تحولات الفجر والغسق، تُظهر أن التغيرات في اللون مطلوبة لتوقيت بيولوجي جيد ومتناسب مع الدورة الشمسية. وخلاصة القول، أنّ البيانات تكشف آلية حسية جديدة لتقدير الوقت من اليوم والتي يجب أن تكون متاحة لجميع الثدييات القادرة على الرؤية الملونة، بما في ذلك البشر.
ترجمة: عبدالرحمن فحماوي
تدقيق أول: رولا عبدالهادي
تدقيق ثاني: حمزة مطالقة
تصميم: أنس ضباعين
المصدر: هنا
إرسال تعليق