الكتاب : طغاة من التاريخ
المؤلف : محمد يوسف
الطبعة : الأولى-2013
عدد الصفحات :162 صفحة من القطع المتوسط
الناشر : مجلة الكويت -الكويت
ليس ثمة شك أن إشكالية الطُّغاة جذورها موغلة في القدم، ولعل المثال البارز في هذا البابِ فِرعون الذي اتبع نظاما تيوقراطيا؛ أي: إنه حاكم يستمد نظامه السياسي من قدرات لاهوتية؛ باعتباره إلها، أو ابن الآلهة، أو مبعوث العناية الإِلَهية، كما استمر الأمر كذلك في أوربا الغربية ، حتى العصر الذي يسمونه عصر الأنوار مع فولتير وجان جاك روسو، الذي سن ما يسمى بالعقد الاجتماعي، الذي يفسر أن العلاقة بين السلطة والشعب هي علاقة تعاقدية تتم بموجب واجبات وحقوق لكلا الطَّرفين، بناء على عقد يلتزمبه الجانبان، ومعايير سياسية واجتماعية تتفِق مع رغبة الشعب، لكن - للأسف - هذه المعايير تعتمد قواعد علمانية وديمقراطية بِمفهومها الغربي؛ -ليس هذا موضوع مناقشتها -إذ إن الديمقراطية - على حد تعبير جورج كوك -: لا تفضي إلى ظهور إنسان متميز، بل إنسان مخاتل ومخادع، وإلى استبداد من نوع خاص. ولقد صدر حديثا عن مجلة الكويت الثقافية الشهرية التي تصدرها وزارة الإعلام الكويتية كتابها الدوري الحادي عشر للشاعر المصري الراحل محمد يوسف بعنوان طغاة من التاريخ والذي يوزع مجانا مع المجلة. والكتاب جاءت فكرته منذ رحيل الشاعر محمد يوسف فى نوفمبر 2003 لمدير تحرير مجلة الكويت الثقافية على غازي العدواني ونجل الشاعر محمد يوسف الاعلامي أحمد يوسف مذيع قناة النيل الثقافية هو عبارة عن حلقات مسلسلة كانت تنشر شهريا فى مجلة الكويت تحت نفس عنوان الكتاب ،وقد صمم الغلاف الفنان الفلسطينى المقيم بكندا عبدالهادي شلا ،وجاء الاختيار عليه لانه نفس الفنان التشكيلى الذى كان يرسم مقالات المجلة . يقول مدير تحرير مجلة الكويت : أنه كان لتلك المقالات صدى طيب لدى القراء لما يتمتع به كاتبها من أسلوب مشوق يجمع بين السرد الأدبي والتوثيق العلمي مضيفا ان الكتاب يسلط الضوء على معظم الديكتاتوريين. ويضيف ان الكتاب الذي افتتح بمقدمة بقلم كاتبه الراحل محمد يوسف واختتم بمقال لمدير تحرير المجلة جاء في 162 صفحة من القطع المتوسط واحتوى على صور نادرة لعدد من الطغاة والطاغيات من عصور مختلفة. اما نجل الشاعر الراحل الاعلامي أحمد يوسف فيقول : حلقات طغاة من التاريخ كانت احد المناطق الابداعية بخلاف الشعر التى كانت تشغل وجدان الشاعر محمد يوسف والذى كان مهموما بمحاربة الكبت والطغيان فى أى مكان ..وقد تأثرت أجيال مختلفة بهذه الحلقات لدرجة ان منتديات الانترنت منذ نهاية التسعينات تجمع فى ثناياها جزء كبير من هذه الحلقات مع تعليقات الناس وانطباعاتهم وهو ما يعنى ان تلك الحلقات قد مست قلوب وعقول أكثر من جيل . طغاة من التاريخ يتضمن الكتاب سلسلة حلقات درامية مثيرة وشيقة في مختلف الحقب التاريخية، جامعا بين السرد الأدبي والتوثيق العلمي، ليقدم ما يمكن وصفه بالخط النفسي والمعرفي والثقافي والأخلاقي المشترك بين الطغاة الذين حكموا دولا وممالك في أحقاب مختلفة، بعضها زال، وبعضها لا يزال قائما حتى الآن، في قارتي أوروبا وأمريكا الجنوبية. كما يغطي الكتاب سيرة عدد لا بأس به من طغاة العالم، باسلوب أدبي شيق من خلال قصص واقعية تبرز سمات كثيرة من شخصيتهم. ويكشف المؤلف في ابحاثه، للقارئ، سيكولوجية الطغاة، متحدثا عن نيرون الذي قالت أمه يوما : فليقتلني ابني بسيفه، المهم أن يتولى الحكم. ويوضح المؤلف أن خطب نيرون البليغة، مكنته من الاستئثار بقلوب أشراف روما وقادتها. كما أنه كان مزدوج الشخصية، وهي طبيعة الطغاة، خاصة أكثرهم دموية وأوفرهم طغيانا. و يتناول المؤلف سيرة أبو العباس السفاح الذي كان يعتمد على نفث ونفخ كل من أبي مسلم الخراساني والأسود الملثم. وأما هولاكو، الذي ينعته المؤلف بالسفاح الأكبر، فيشير الى انه كان قد أدمن القتل والتخريب. ويبين أنه وضع المستعصم وأبناءه في كيس مخيط .. رماه رجاله في طريق الخيول التي داست عليهم وتركت جثثهم في العراء. ويتطرق يوسف الى سيرة كاترين الثانية: أوغستا فردريكا. ويلقبها المؤلف بالمرأة الأفعى، لافتا الى أنها ولدت في مدينة ستتين، في الثاني من شهر مايو عام 1729. واختارت أن يكون اسمها كاترين الثانية، لتمييزها عن كاترين الأولى، زوجة بطرس الأول. ويحكي عن ممارساتها الطغيانية، موضحا في احداها أنها فرضت على زوجها الإمبراطور، أن يكتب جملة تعبر عن تنحيه: أنا لا أصلح للحكم . كما كلفت أثنين من رجالها خنق زوجها السجين بقطعة قماش. وفي خصوص موسوليني الذي عنون المؤلف فصل سيرته طاغية خريطة المتناقضات والنتوءات العاطفية الملتهبة نجد مزيجا من الشذوذ والغرابة والوحشية، ووجه الغرابة يتجلى فيما يتجلى، بقول إحدى عشيقاته: عندما ينتهي من إشباع شهوته .. يحتضن قيثارته ويعزف لي ألحانا ناعمة. وفي خصوص هتلر، الذي استعرض المؤلف حياته تحت عنوان: " هتلر وأيفا، نتبين كما من المعلومات التفصيلية، ويسمي سيرته ب :معادلة المتعة والألم بجرعة واحدة، مفصلا نقاط ضعف الطاغية أمام المرأة. وهذا الضعف تقابله القوة والبطش في التعامل مع الناس عامة. وفي حديثه عن ستالين، يؤكد يوسف انه كان واحدا من الطغاة الذين وقعوا في مصيدة التاريخ، إذ شب على المؤامرة وتسلق السلطة على أجساد رفاقه قبل خصومه. وفي عز جبروته شرب من الكأس نفسها، لينضم إلى طابور الطغاة في التاريخ. وفي العموم، يتطرق الكتاب، الى سيرة وحياة واعمال وصفات عشرين طاغية وديكتاتورا في العالم. ونجد أن المؤلف لا يغفل في صفحاته، الحديث عن مُنظر وملهم هؤلاء الطغاة جميعا، وغيرهم ، ممن نعاني من ظلمهم وقسوتهم حاليا، ألا وهو ميكافيلي صاحب كتاب " الأمير "، الذي يعتمد الخديعة ودفن المبادئ في مقبرة التحلل الأخلاقي. المؤلف محمد يوسف. شاعر وناقد وتربوي مصري.ظل فى الكويت منذ رحيله عن مصر فى عام 1976 وحتى وفاته فى 18 نوفمبر 2003 بعدما اثري الحركة الشعرية المصرية والعربية بأكثر من 13 ديوانا شعريا ،7 كتب ما بين الكتابة الساخرة والكتابة السياسية 4 كتب مترجمة بالاضافة الى تطوير مناهج المرحلة الثانوية بالكويت تحت اشارف اليونسكو وله مجموعة دروس تدرس الى الان فى المرحلة الثانوية بطرق التدريس الحديثة من ضمنها درس عن العالم الدكتور أحمد زويل ودرس عن الروبوت.
إرسال تعليق