من مَشاهيِرِ مَشايخ خُراسانَ. ، صَحبَ إبرهيمَ بنَ أدهمَ، وأخذ عنه الطّريقَةَ، وكان أستاذَ حاتم الأصمِّ، وأخذ عن علماء عصره، وكان كثير النفقة في سبيل الله، وكان من كبار المجاهدين، استشهد في غزوة كولان سنة أربع وتسعين ومائة، رحمه الله تعالى.
دخل شقيق البلخي على هارون الرشيد – رحمه الله – فقال له هارون الرشيد: أنت شقيق الزاهد؟ فقال: أنا شقيق، ولست بزاهد. قال هارون: أوصني. فقال له شقيق: يا أمير المؤمنين، إن الله تعالى قد أجلسك مكان الصديق رضي الله عنه ، وإنه تعالى يطلب منك مثل صدقه، وإنه تعالى أعطاك مكان عمر بن الخطاب الفاروق رضي الله عنه ، وهو يطلب منك الفرق بين الحق والباطل مثله، وإنه تعالى أقعدك مكان ذي النورين عثمان رضي الله عنه ، وإنه يطلب منك حياءه وكرمه، وإنه أقعدك موضع علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وإنه يطلب منك العلم والعدل كما يطلب منه.
فقال له الرشيد: زدني من وصيتك. فقال شقيق: نعم، إن لله داراً تعرف بجهنم، وإنه جعلك بواب تلك الدار، وأعطاك ثلاثة أشياء لترد عباده عنها: أعطاك بيت المال، والسوط، والسيف، وأمرك أن تمنع الخلق من دخول النار بهذه الثلاثة، فمن جاءك محتاجاً إلى طعامٍ حلالٍ فلا تمنعه حقه في بيت المال، حتى لا يسرق ويقتل. ومن خالف أمر دينه تعالى، وخرج على حدود الله فأدِّبْه بالسوْط. ومن قتل نفساً بغير حق فاقتله بالسيف، بإذن ولي المقتول. فإن لم تفعل ما أمرك الله – تعالى – فأنت تكون الغريم لأهل النار، والمتقدم إلى أهل البوار.
فقال له الرشيد: زدنا. فقال له شقيق: يا أمير المؤمنين، مثلك كمثل معين الماء، ومثل سائر العلماء كمثل السواقي على منبع الماء، فإذا كان المعين صافيا لا يضر كدر السواقي، وإذا كان المعين كدرا لا ينفع صفاء السواقي.
فبكي هارون الرشيد من قوله، وأمر له بمال، أبي أن يأخذه، وتركه وانصرف.
إرسال تعليق