U3F1ZWV6ZTM1MDgwNzg5ODg1MDQyX0ZyZWUyMjEzMTk5NTcyNTU4MA==

"الزانية" للكاتب البرازيلي باولو كويلو: الأنا النسائية تتأمل في الفراغ الروحي والحب:

الحجم

كتاب باولو كويلو الأخير، "الزانية"، وهو مولوده الرابع عشر، أثبت منذ صدوره - وحتى قبل ذلك - بأنه "منذور" للمرتبة الاولى على لائحة افضل المبيعات، كأن المكان محجوز له سلفا. اذ احتلت الرواية رأس قائمة البست سيللر في البرازيل قبل شهر من صدورها، وذلك بسبب نظام الحجز المسبق للنسخ الذي بات شائعا اليوم في العالم، والذي اقبل من خلاله قراء كويلو على تأمين نسختهم من جديده بكثافة لا مثيل لها.
أُطلق الكتاب بلغات عديدة وفي بلدان كثيرة في وقت متزامن. وهو صدر أيضا بالعربية عن "شركة المطبوعات للتوزيع والنشر" في بيروت. فهل يستحق هذه الضجة؟
مغيظٌ ان نرى كتابا مرصودا للنجاح المسبق وشبه "الاجباري"، بغض النظر عن قيمته الأدبية الحقيقية. فمن الأفضل غالبا فصل الكتب عن الضجة التي تثيرها، خصوصا عندما نتذكر سيل الأعمال التي نجم صخبها وشهرتها عن خطط تسويقية وفورات حماسة معدية، اكثر مما كانت مستحقة.
ليندا امرأة في الثلاثين من عمرها تبدأ تتساءل عن الروتين الذي تعيش فيه. الكل يحسدها على حياتها المثالية وزوجها الذي يحبها واولادها اللطفاء المؤدبين وعملها كصحافية، ولكنها لم تعد تتحمل الأقنعة التي ترتديها والفراغ الذي تشعر به والتمثيل بأن حياتها الحياة المثالية وبأنها سعيدة، بينما كل ما تشعر به هو شعور متضخم من اللامبالاة. كل ذلك يتغير عندما تلتقي بحبيبها السابق الذي اصبح سياسيا معروفا. اثناء مقابلته يستيقظ شيء في داخلها لم تعد تشعر به منذ وقت طويل، هو "الرغبة"، فتروح تسعى جاهدة للحب المستحيل وتعاني الضغوط والضياع والتمزق، الى أن تجد خلاصها.
"الزانية"، المكتوب بصيغة الأنا وبصوت امرأة، تأملٌ في الفراغ الروحي والحب وفي العلاقات العصرية وفي الحرية والوحدة والجنس والثقة والعودة الى الذات ومعنى الشراكة، وفي ما يحصل ولا نكون في انتظاره. من الطبيعي أن يلمس عدداً هائلاً من القارئات تحديداً، لأنه يتناول وجعاً مسكوتاً عنه بامتياز. كعادته يطرح كويلو الاسئلة المناسبة امام القارئ، ويدفعنا بأسلوب غير مباشر الى التفكير في قضايا وجودية. الكتاب، والحق يقال، أفضل من إصدارات كويلو السابقة، وخصوصاً الأخيرة منها، التي كانت غارقة في التبسيطية.
كويلو، المولود في العام 1947، المترجَم الى نحو 60 لغة والصادرة كتبه في 155 بلدا، الذي باع ملايين النسخ من اعماله في العالم بين "الخيميائي" الضارب و"حاج كومبوستيلا" و"الجبل الخامس" و"الشيطان والآنسة بريم" وسواها، أدرك مستويات كونية في عالم الأرقام. "تسلية شعبية"، "ظاهرة تسويقية"، "استخفاف أدبي"، "سذاجة فكرية": كثيرة هي النعوت الاحتقارية التي تلصق بكتب باولو كويلو، وتكبر الهوة عندما يُقارن البرازيلي بعمالقة اميركا اللاتينية من امثال يوسا وماركيز وبورخيس. لكنه رغم كل هذا الازدراء يسجل حضورا كاسحا لا يمكن تجاهله في ساحة النشر، ببساطة لغته و"حكواتية" حكمته وتماسك افكاره التي يسردها بلا ادعاء، ما يمنح العزاء للقارئ العادي لأنه يضع في متناوله مواد كانت 

لتكون نخبوية بقلم آخرين.
Image associée


تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة