- ينكر سبينوزا أن يكون علم الدِّين أو اللاهوت معرفة عقلانية ، والدليل على ذلك أن اليهود والمسيحيين من كاثوليكيين وبروتستانتيين يؤمنون جميعهم بالوحي ، ومع ذلك فإنهم يُكفِّرونَ بعضهم بعضاً ، ويسعى كل طرف لدحض حجج الطرف الآخر مُستشهداً بآيات من التوراة أو الانجيل ، بل إن العملية ذاتها تحصل داخل الدِّين الواحد نفسه. فكيف يمكن للكتاب المُقدَّس أن يكون سبباً للفرقة والبغضاء و التناحر بين المؤمنين ؟
هنا يشعر سبينوزا بضرورة تقديم تأويل جديد للنصوص المُقدَّسة ، تأويلاً مختلفاً عن تأويل اللاهوتيين المتعصبين.
- كيف نقول بعدم وجود تناقض في الكتاب المقدس ، ونحن نعلم أنه مليء
بالتناقضات ؟ هنا يلجأ المُفسِّرون إلى الحيلة ، فيقولون بعدم التفسير
الحرفي للآيات ، وإنما تطبيق التفسير المجازي عليها ! ولكن سبينوزا يرفض
هذه المنهجية في التفسير. وعندما نلتقي بنص عبثي أو خرافي في الكتاب المقدس
؛ فإن اللاهوتيين يقولون بأن ذلك يدل على سرٍّ ربانيٍّ لا ندرك كُنههُ !
وهذا الحل يرفضه سبينوزا أيضاً.
- إن الاعتماد على تراث الأقدمين أو الهيبات المأذونة للحاخامات والبابوات ، من أجل التوصُّل إلى التفسير الصحيح للنصوص المُقدَّسة ؛ يعني بكل بساطة إلغاء عقولنا. وهنا يتخذ سبينوزا القرار التالي : " إن الكتاب المقدس عبارة عن نصوص مكتوبة بلغة طبيعية مثله في ذلك مثل أي نص بشري آخر" وربما كان هذا القرار الذي اتخذه سبينوزا ناجماً عن شقاقات اللاهوتيين وتبريرهم للحروب الأهلية والمجازر باسم الدِّين والكتاب المُقدَّس.
- هكذا نلاحظ أن سبينوزا أسس النقد التاريخي للنصوص المُقدَّسة دون أن يعلم ، والواقع أنه كان يريد من وراء ذلك كله : " إطاعة الله بكل قلوبنا عن طريق ممارسة العدالة والمحبة ومعاملة الآخرين بإحسان " . هذا هو كل الدِّين مُلَّخصاً بجملة واحدة ، وكل ماعدا ذلك فهو قشور سطحية.
______________
مدخل إلى التنوير الأوروبي ، هاشم صالح ، دار الطليعة ، بيروت ، 2005.
- إن الاعتماد على تراث الأقدمين أو الهيبات المأذونة للحاخامات والبابوات ، من أجل التوصُّل إلى التفسير الصحيح للنصوص المُقدَّسة ؛ يعني بكل بساطة إلغاء عقولنا. وهنا يتخذ سبينوزا القرار التالي : " إن الكتاب المقدس عبارة عن نصوص مكتوبة بلغة طبيعية مثله في ذلك مثل أي نص بشري آخر" وربما كان هذا القرار الذي اتخذه سبينوزا ناجماً عن شقاقات اللاهوتيين وتبريرهم للحروب الأهلية والمجازر باسم الدِّين والكتاب المُقدَّس.
- هكذا نلاحظ أن سبينوزا أسس النقد التاريخي للنصوص المُقدَّسة دون أن يعلم ، والواقع أنه كان يريد من وراء ذلك كله : " إطاعة الله بكل قلوبنا عن طريق ممارسة العدالة والمحبة ومعاملة الآخرين بإحسان " . هذا هو كل الدِّين مُلَّخصاً بجملة واحدة ، وكل ماعدا ذلك فهو قشور سطحية.
______________
مدخل إلى التنوير الأوروبي ، هاشم صالح ، دار الطليعة ، بيروت ، 2005.
إرسال تعليق