U3F1ZWV6ZTM1MDgwNzg5ODg1MDQyX0ZyZWUyMjEzMTk5NTcyNTU4MA==

سلسلة : مع الفيلسوف "جورج فريدريك هيجل "


 سلسلة : مع الفيلسوف "جورج فريدريك هيجل"
رابعاً : المنطق
- المنطق كما يرى هيجل هو "علم الفكرة الخالصة" ، ويعني هذا العلم : علم الفكر بقوانينه وأشكاله المتميزة ، غير أن الفكر - كفكر - لا يشكل سوى الوسيط العام أو الوضع الخاص الذي يضفي على الفكرة مايجعلها تتميز بأنها منطقية. ومن الخطأ برأي هيجل أن نقول بأن المنطق خلو من كل مضمون وأنه يزودنا بقواعد الفكر فحسب دون أن يدرس ماهية الفكر نفسه. فالمنطق كما يراه هيجل : هو دراسة لطبيعة الفكر الخالص أو هو دراسة للحياة الباطنية للعقل ، فهو لا يعنى بالأشكال والصور وحدها ، بل يدرس هذه الأشكال مع مضمونها ، ومضمونها هو الفكر ، هو دراسة الفكر من أجل الفكر وحده.
- يخبرنا هيجل في كتابه "علم المنطق" أن غاية المنطق هي الحقيقة. ولكن أي نوع من الحقيقة ؟ يبدأ هيجل بالإشارة إلى وجهة النظر التقليدية التي تبدأ بالفصل بين الشكل والمضمون ، وتعتبر أن المنطق هو دراسة شكل الفكر الحقيقي أو الصحيح بصرف النظر عن مضمونه. فالمنطق على النحو الذي يُفهم به عادةً يدرس أشكالاً من الحجج المنطقية مثل :
كل ما هو (أ) هو (ب)
(س) هو (أ)
إذن س هو (ب)
هنا لدينا شكل دون مضمون. يمكننا أن نكتب ( إنسان ) ( فان ) ( سقراط ) بدلاً من (أ) (ب) (س) على التوالي. الحجة صحيحة في كلتا الحالتين رغم وجود مقدمة منطقية خاطئة قد يؤدي إلى استنتاج خاطئ. صحة الحجة هي مسألة شكل لا مضمون ، فعالم المنطق لا يعنيه المضمون. ونتيجة لهذا الفصل بين الشكل و المضمون ، لا يخبرنا المنطق بأي شيء بخصوص العالم الواقعي. إن أشكال الحجج التي يصفها المنطق ستظل كما هي بالضبط إذا كان البشر غير فانين.
- إذا تذكَّرنا كيف بدأ هيجل في كتاب "فينومينولوجيا العقل" تناول مشكلة المعرفة من خلال الاعتراض على التمييز الشائع المفترَض بين العالِم والمعلوم ، فلا ينبغي أن نتفاجأ إذا ما علمنا أن هيجل يذكر هذا التمييز التقليدي بين الشكل والمضمون حتى يعترض عليه. فالمنطق كما يقول هيجل هو دراسة الفكر ، لكنه في كتاب "فينومينولوجيا العقل" أوضح أن بالفعل أنه لا يوجد واقع موضوعي مستقل عن الفكر. فالفكر هو واقع موضوعي ، والواقع الموضوعي هو الفكر. وهكذا عندما يدرس المنطق الفكر لابُدّ أن يدرس الواقع أيضاً.
- إن القول بأن المنطق لا يتعلق بعالم الطبيعة والعقول المحدودة ، يعني أن هيجل يقبل جزءاً من وجهة النظر التقليدية. إن الجزء الذي يتحمس بشدة لرفضه هو فكرة أن الواقع أو الحقيقة يوجد فقط في عالم الطبيعة أو الأشخاص. على العكس من ذلك فمثاليته المطلقة تُظهِر أن الواقع المطلق يوجَد فيما هو عقلي وفكري ، وليس فيما هو مادي. فهو يوجد على وجه التحديد في الفكر العقلاني. إذن المنطق هو دراسة الواقع المطلق في شكله الخالص ، مجرّداً من الأشكال المحددة التي يتخذها في العقول المحدودة للبشر أو في العالم الطبيعي.
__________________
📕 المنطق وفلسفة الطبيعة ( المجلد الأول من فلسفة هيجل ) ، وولتر ستيس ، ترجمة إمام عبد الفتاح إمام ، دار التنوير ، لبنان.
📕 هيجل ، بيتر سنجر ، ترجمة ابراهيم السيد ، مؤسسة هنداوي للنشر ، ٢٠١٥.
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة