U3F1ZWV6ZTM1MDgwNzg5ODg1MDQyX0ZyZWUyMjEzMTk5NTcyNTU4MA==

«مارتن هيدجر»: الموت كطريقة لفهم وجودِنا في العالم:

«مارتن هيدجر»: الموت كطريقة لفهم وجودِنا في العالم ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ يشرح أندرو رويل أفكار مارتن هيدجر الرئيسية في كتابه «الكينونة والزمان»، مظهرًا الطريقة التي تقودنا بها هذه الأفكار إلى مفهوم «الوجود-تجاه-الموت». يقول «هيدجر»: إذا قبلت الموت في حياتي واعترفت به وواجهته مباشرة، سأحرّر نفسي من قلق الموت وحقارة الحياة، وحينها فقط سأكون حرًا في أن أصبح نفسي. تتفكر هذه المقالة في جوانب فلسفة الظاهرات الفيلسوف الوجودي الألماني «مارتن هيدجر» (1889-1976)، وتطبيقها أخيرًا في سياق الفجيعة. ولأن كتابات هايدجر مليئة بكثير من المصطلحات شديدة التخصصية، سأقدّم بعض الخلفيات لفكره، مستقيًا إياها من نصين معقدين هما سِفر هيدجر الكبير الذي ألّفه عام 1927 بعنوان «الكينونة والزمان»، وكذلك محاضرات تزوليكون: «البروتوكولات والمحادثات والرسائل». المهمة الهائلة التي يضع هيدجر نفسه إزاءها في كتاب «الكينونة والزمان» هي إجابة سؤال «ما هو الوجود؟». سؤال «الوجود» هذا له إرث طويل في تقليد الفلسفة الغربية، لكن بالنسبة لهايدجر فإن مجرد السؤال «ما هو الوجود؟» أمر إشكالي، لأنه تأكيد على الميل نحو موضعة الوجود باعتباره «شيئًا» إذا صح التعبير، ويفصل «الوجود» (أيًا كانت ماهيته) عن المتسائل عن ماهية الوجود. بالنسبة لهيدجر، يعد هذا افتراضًا مضللًا بخصوص ماهية الوجود، يشكّل عقبة قبل البدء في البحث عن هذه الماهية. لهذا بدلاً من طرح السؤال «ما هو الوجود؟»، يطرح هيدجر سؤالاً آخر هو «من الذي يسائل هذا الوجود؟» ينطوي هذا السؤال عن «هوية الوجود (الكينونة)» على احتمالية أن يسهم السائل نفسه بطريقة أو بأخرى في هذا الوجود الذي يخضع للمساءلة. لذا ينطلق هيدجر من السؤال من «هو هذا الكائن، الذي ينطوي وجوده على السؤال عن وجوده نفسه؟». لتمييز نقطة البداية هذه، وربما اعترافًا بصعوبة الإشارة إلى هذا «الكائن الذي ينطوي وجوده على مساءلة وجوده نفسه» وتمييزه، يصك هيدجر أول مصطلحاته الجديدة: «الدازاين» للإشارة إلى هذا الكائن. ترجمت هذه الكلمة إلى الإنجليزية بطرق عديدة، من بينها «الوجود – هنا» أو الترجمة التي أفضل استخدامها: «الكينونة هنا … سؤال، الكينونة هنا … سائل، الكينونة هنا … في السؤال، اهتمام بالكينونة». يبدو وكأن هذا «الوجود – هنا» يعني شيئاً ما؛ لكن ما هو «الوجود»؟ يؤجل الإجابة على السؤال، لكنه على أي حال يسمى الكائن الذي يسائل الوجود بـ «الدازاين». تهدف مقاربة هيدجر المبدعة في استخدام اللغة هنا إلى تجنب الوقوع في براثن التلميحات النفسية والفلسفية عند استخدام مصطلحات مثل «الفاعل» أو «الأنا (الذات)» خصوصاً وأنها ستصبح نفس المفاهيم التي سيتعمد هايدجر تخريبها لاحقًا. يميل الهايدجريون المتحدثون بالإنجليزية إلى الإبقاء على المصطلح «دازاين» غير مترجم. الوجود – هنا يضفي هيدجر صفتين جوهريتين على الدازاين: 1. الدازاين موجود: «يكمن جوهر الدازاين في وجوده». 2. الدازاين يخصني: «الكينونة التي تقع على عاتقنا مهمة تحليلها، هي دائماً ملكي». الصفة الأولى التي تبدو بديهية، تنص على أن الدازاين، وهو الكائن المهموم بكينونته، لا يمكنه إلا أن يكون موجودًا قبل كل شيء: من الجوهري أن يكون موجودًا. يبدأ هيدجر عبر الإشارة إلى «الجوهر» في صياغة ما يعنيه بالكينونة. على سبيل المثال إذا نظرنا للطاولة: جوهر الطاولة هو ما يجعلها طاولة وليس أي شيء آخر، مهما كان. على سبيل المثال يمكننا أن نقول إن الطاولة لا تكون طاولة إلا إذا كان بالإمكان وضع شيء عليها، وإذا لم تتمكن من الاتصاف بهذه القدرة فهي ليست طاولة. على نفس النهج، يكمن جوهر «الدازاين» في أنه موجود. إذا لم يكن موجودًا، إذًا هو ليس «دازاين». دون هذا الوجود لن يكون للدازاين أي أرضية أو كينونة يمكنه من خلالها طرح سؤال الوجود على الإطلاق. أشار الفلاسفة الوجوديون اللاحقون مثل جان بول سارتر إلى أولوية الوجود هذه باعتبارها «المبدأ الأول للوجودية»، أو بتعبير سارتر «الوجود يسبق الجوهر». بالنسبة لهيدجر تكمن الصفة الجوهرية للكينونة في وجودها نفسه. ..................................... https://bilarabiya.net/6853.html
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة