في مواجهة النيوليبرالية: الذات «المقاوِمة» عند فوكو
الحجم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رغم ما ينطوي عليه من أهمية كونه يرادف أحيانًا تعريف الحرية في الاجتماع الحديث، فإن مفهوم «المجتمع المدني» لم يحظ بالقدر الكافي من التمحيص والتدقيق وحتى التأسيس وإعادة الاختراع في عالمنا العربي. ظل سؤال المجتمع المدني والفضاء العام هامشيًا لصالح أسئلة تبدو في ظاهرها أكثر جوهرية وارتباطًا بالفعل السياسي مثل نظام الحكم، وهيكل الدولة، والأيديولوجيا المسيطرة، وحتى سؤال الثقافة.
بطبيعة الحال، فإن سؤال المجتمع المدني والمجال العام ظل محوريًا وملازمًا لسيرورة مجتمعات الغرب التي آلت إلى ما يسمونه الآن «الديمقراطية الليبرالية» التي تتعرض بحسب كثير من المنظرين الليبراليين لخطر فقدان مكاسب المساواة وحقوق الإنسان والديمقراطية التي حققتها بعد مسيرة مليئة بالدم والدموع، وذلك تحت وقع صعود الحركات الشعبوية على اليمين واليسار.
حلم المجتمع المدني:
ــــــــــــــــــــــ
الحرية والمساواة وحقوق الإنسان قيم مركزية ترتكز عليها مجموعة من المنظمات والحركات والجمعيات العاملة التي تشكّل ما يسمى بالمجتمع المدني. هذا المجتمع الذي يُفترض به أن يكون حجابًا بين الدولة/السلطة والمجتمع؛ أي أنه مانع لتغول السلطة وتجاوزها لهذه القيم، وذلك بناءً على افتراض مفاده أن أي سلطة/دولة تنطوي على نزعة توسعية طبيعية لا يمكن إيقافها أو الحد منها إلا من خلال هذا المانع.
هذا التوصيف هو ما يصفه سالفاتوري في كتابه «سوسيولوجيا الإسلام» بـ «حلم» المجتمع المدني[1]، أي أنه توصيف مثالي لا يمكن اقتطاعه بعيدًا عن السيرورة الاجتماعية التي أنتجته. فبحسب إرنست غلنر، يعد هذا المجتمع وما يحققه من حقوق ومواطنة واستحقاقات على أعضائه، شديد الخصوصية ولا يمكن تكراره خارج السياق الذي أنتجه لأنه قائم على رابطة ذرائعية تراكمية غير مقدسة ويمكن نقضها[2].
أما آدم فيرغسون فيلسوف التنوير الاسكتلندي، فيرى أن المدنية الغربية لا تتأسس إلا على الروابط الحضارية الأخلاقية[3] وتسود فيها النظم الحرة غير المستبدة؛ بتعبير آخر فإن المجتمع المدني شرط من شروط الاجتماع المتحضر وقيام المدينة الغربية.
المجتمع المدني عند هيجل مرحلة وسيطة تؤهل المواطنين والمجتمعات المحلية ومجموعات العمال والمهنيين والنقابات للاندماج النهائي في جسد الدولة
لا يمكننا في هذا السياق أن نفوّت التناقض بين طرحي غلنر وفيرغسون. غلنر الذي يرى أن المجتمع المدني لا يتأسس إلا على روابط ذرائعية قابلة للنقض، يخالفه فيرغسون مستعينًا بنظرية الحس الأخلاقي لآدم سميث[4]. من وجهة نظر فيرغسون، فإن هذا المجتمع المدني يقوم على نوع من الحس الأخلاقي القائم على التعاطف. يعرّف آدم سميث التعاطف بأنه ناتج عن تخيل ما يمكن أن نشعر به لو كنا في مكان الآخرين.
......................................
للاطلاع على الدراسة كاملة : https://bilarabiya.net/7571.html
إرسال تعليق