ما أحقر الإنسان، وما أتْفهه، حين يُسلِّمُ قلبَه لوحْشِ الحِقْدِ والبغض، ويتركه يملأه بالشر والأذى!!
ما أضأله!! فهو يصير صغيراً في حياته، ويعيش بين الناس، يسْحبُ ذيولَ النقمة والكراهية، وينفث سمومَه حواليه، مثل الحيَّةِ.
لا يستطيع أنْ يواجه الناس، بل يستخفي منهم، ويتربص بهم، ويلذغهم من حيث لا يشعرون.
هذا هو الإنسان الحقودُ، يشبه الحيَّةَ، لأنه يكون لصيقاً بالأرض، لا يرتفع، وإذا ارتفع فلكي يعضَّ، ثمَّ يتراجع إلى الوراء، ويهربُ إلى جُحْرِه.
لم أجد أنسبَ من الحيَّةِ، كي أشبِّهَ بها الإنسانَ الحاقدَ، فقد رأيتُ إنساناً، كلما نظرتُ إليه تبدَّى لي مثل الحيَّةِ؛ قسماتُ وجْهه، دبيبُه على الأرض، حركاته، لفتاته، سلامه، وكلامه، كلها تعطي له صورة الحيَّةِ.
وليس شكله فقطْ ما يعطي تلك الصورة، بل سعيُه أيضاً، وهو سعيٌّ مشؤومٌ، وملعونٌ، حيث يكيدُ للناس، ويؤذي من حواليه، ولا يألُ جهداً كي يسبب لهم المتاعب في الحياة، وحتى إذا عجز في وقتٍ من الأوقات، ولم ينجح بسرعة، فإنه يحتفظ بنوازعه الشريرة، ويلتجئ إلى وسائلَ وسبلٍ أخرى، كي يحقق ما يصبو إليه من الشر والفساد والظلم، ويستعين في ذلك على أهل الصَّوْلة والنفوذ، حيث أنه موظَّفٌ في مصلحة من المصالح الحكومية.
إنه ضعيفٌ حتى ولو توهَّمَ أنه قويٌّ.
وتافه حتى لو شعر بينه وبين نفسه أنه مُهِمٌّ.
ذلك لأن الرجل القوي يكون قويّاً بإحسانه بين الناس وببِرِّهِ وعطفه، وليس بالشر والأذى.
والرجل المهم يكون مهِمّاً بالسيرة الحسنة، والذكرى المعطَّرَةِ بالعاطفة السامية، والسعي بين الناس بالخير والصلاح، وليس بالعنجهية، والغرور، والتكبر، والانتقام.
والمسلم هو من سلمَ الناس من يده ولسانه، وليس من يتطاول عليهم، ويلدغُهم لدغَ الحيَّةِ.
إرسال تعليق